مع أسماء الله الحسنى
***الأمر بالذكر
- الآيات القرآنية بشأن الذكر كثيرة ومعروفة ، فمنها إلى ما سبق ذكره قوله تعالى " واذكر ربك إذا نسيت" وقوله جل شأنه " ياأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا " وقوله " والذاكرين الله كثيرا والذاكرات "، والأحاديث النبوية بخصوص الذكر أكثر من أن تحصر ، فمن ذلك قول الحبيب صلى الله عليه وسلم فى حديث قدسى عن الله عزوجل :" أنا عند ظنى عبدى بى ، وأنا معه حين يذكرنى ، فإن ذكرنى فى نفسه ذكرته فى نفسى ، وإن ذكرنى فى ملأ ذكرته فى ملإ خير منه " وما من عبد يذكر الله بذكر إلا ويذكره الله الله بما يقابله ، فإن ذكر التائب بتوبته ذكره الله بمغفرته ، وهكذا من رجع إليه أقبل عليه ، إنظر قوله تعالى " فأثابهم الله بما قالوا جنات تجرى من تحتها الأنهار ".
ومن الذكر التسبيح ، وهو تنزيه الحق عما لا يليق به ، وقد أمر سبحانه الرسول صلى الله عليه وسلم بالتسبيح " وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب " وقال تعالى " ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا ".وللسادة الصوفية فى ( الذكر ) مشارب مختلفة ، وأذواق شتى : فبعضهم يذكرون سبعة أسماء يسمونها ( السبعة أصول ) وبعضهم يضيف إليها ستة أسماع تسمى ( بالستة أصول ) ، وهذه الأسماء الثلاثة عشر من أذكار الريقة الخليلية البيومية ، وهذا جدول يبين معانى هذه الأسماء الشريفة :
م
الإسم
معناه
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
لا إله إلا الله
الله
هو
حى
واحد
عزيز
ودود
حق
قهار
قيوم
وهاب
مهيمن
باسط
لا معبود بحق إلا الله
علم فى الذات العلية الواجبة الوجود
حاضر لا يغيب
دائم الحياة
لا ثانى له
لا نظير له
كثير الود لعباده
ثابت لا يتغير
يقهر ولا يقهر
قائم بأسباب مخلوقاته
كثير العطاء
مطلع على أفعال مخلوقاته
يبسط الرزق لمن يشاء من عباده
وبهذه المناسبة أذكر أنىى إطلعت على كتاب قديم مخطوط ، رأيت فيه أن هذا الأسماء الثلاثة عشر هى لطريقة سيدى محيي الدين عبدالقادر الجيلاتى المولود عام 470هـ والمتوفى عام 561هـ وكان رضى الله عنه يدعو فى نهاية ذكر كل إسم بالدعاء الخاص به ، ويطلب من الله سبحانه وتعالى أن ينقله إلى حالة أعلى ، مترقيا مع ذكر باقى الأسماء ، كما أننى قرأت فى كتاب الفتوحات المكية لسيدى محيى الدين بن العربى ما معناه : أن من أراد الفتوح وسعادة الدارين فليستخرج عدد إسمه بالجمل وليأخذ من أسماء الله تعالى ما يوافق عدده هذا العدد ، وليذكرها جميعا بعدد إسمه على حسب طاقته ، ففى ذلك الفتوح وسعادة الدارين ، والأعمال بالنيات رزقنا الله وإياك حسن النية ، وسلامة الإعتقاد ، وإنى أيسر لك الطريق إلى ذلك ، فأقول مستعينا بالله : إعلم يا سيدى أن لكل إسم من أسماء الله تعالى عددا خاصا به ، ولكل عدد مراتب ينبغى ألا يتعدى الذاكر نهايتها ، لأن ذكر الأسماء بعدده الواقع عليها ، كما قبل : إنه مفتاح باب الوصول ، فإن مجاوزته قد تكون خطرا على من لا شيخ له ، إذ لا بد من مرشد يهديك السبيل ، وعارف يعلمك معالم التنزيل ، ولكى تعرف عدد الإسم الذى تذكر به يجب أن تعرف أن لكل حرف من الحروف عددا ، وبيانه فى الجدول الآتى :-
أ
ب
ج
د
هـ
و
ز
ح
طـ
ى
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
ك
ل
مـ
ن
س
ع
ف
ص
ق
ر
20
30
40
50
60
70
80
90
100
200
ش
ت
ث
خ
ذ
ض
ظـ
غ
300
400
500
600
700
800
900
1000
ملحوظة :
هذه الجداول مبنية على قواعد ثابتة فى علم الحرف ، مشهورة بين المشتغلين بحساب الأوفاق ، أخذ بها العلماء فى بحوثهم ، والشعراء فى تأريخهم ولقد ترددت كثيرا فى وضعها فى هذا الكتاب ، لأنها تحتاج إلى إلمام بأصول هذا العلم ، ولكنى أردت الإشارة إليها حتى لا أكتم عن القراء شيئا أعرفه ، والله يعلم حسن القصد فيما أردت ، وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت .
وهاهى ذى أسماء الله الحسنى ، وقرين كل إسم عدده ، لنستخرج ما يوافق عدده عدد إسمك ، إن أردت ذلك :
الرقم
الإسم
مجموع أعداد حروف الإسم
الرقم
الإسم
مجموع أعداد حروف الإسم
الرقم
الإسم
مجموع أعداد حروف الإسم
الرقم
الإسم
مجموع أعداد حروف الإسم
الرقم
الإسم
مجموع أعداد حروف الإسم
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
الله
رحمن
رحيم
ملك
قدوس
سلام
مؤمن
مهيمن
عزيز
جبار
متكبر
خالق
بارئ
مصور
غفار
قهار
وهاب
رزاق
فتاح
عليم
66
298
258
90
170
131
136
145
94
206
662
731
213
336
1281
306
14
308
489
150
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
قابض
باسط
خافض
رافع
معز
مذل
سميع
بصير
حكم
عدل
لطيف
خبير
حليم
عظيم
غفور
شكور
على
كبير
حفيظ
مقيت
903
72
1481
351
117
770
180
302
68
104
129
812
88
1020
1286
526
110
232
998
550
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
حسيب
جليل
كريم
رقيب
مجيب
واسع
حكيم
ودود
مجيد
باعث
شهيد
حق
وكيل
قوى متين
ولى
حميد
محصى
مبدئ
معيد
80
73
270
312
55
137
78
20
47
573
319
108
66
116
500
46
62
148
56
124
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
محيى
مميت
حى
قيوم
واحد
ماجد
واحد
صمد
قادر
مقتدر
مقدم
مؤخر
أول
آخر
ظاهر
باطن
والى
متعال
بر
تواب
68
490
18
156
14
48
19
134
305
744
184
846
37
801
1106
62
47
541
202
409
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
منتقم
عفو
رؤوف
مالك الملك
ذو الجلال والإكرام
مقسط
جامع
غنى
مغنى
مانع
ضار
نافع
نور
هادى
بديع
باقى
وارث
رشيد
صبور
630
156
286
212
1100
209
114
1060
1100
161
1001
201
256
20
86
113
707
514
298
م
ح
م
د
40
8
40
4
والآن قد عرفت عدد كل إسم من أسماء الله الحسنى المباركة ، فإذا أردت أن تعرف عدد اسمك فخذ من الجدول الأبجدى السابق عدد كل حرف من إسمك ومجموع عدد هذه الحروف هو عدد إسمك ، وإذا كان عدد إسمك يقل عن أقل عدد من الأسماء فأضف إلى إسمك إسم الأم فمثلا إسم " محمد ":
مجموعه(92) وما يوافق هذا العدد من أسماء الله تعالى " باسط" وعدده (72) وإسمه تعالى "ودود" وعدده (20) فتكون الجملة (92) وهو عدد إسم (محمد) ويكون عدد تلازتك الأسماء مجتمعة مطابقة لعدد جمل إسمك، وأهل الذكر – حسب ماجاء فى أورادهم وأحزابهم وأدعيتهم – يذكرون إسم الله (66) مرة وإسمه تعالى لطيف ( 129) مرة ، وسأشرح لك فيما بعد كيفية ذلك وإلا فأنت مخير فى ذكر الأسماء بعدد ، وبغير عدد ، والمهم ملاحظة المعنى حسب طاقتك ، وإنما ذكرت لك ذلك ، حتى تكون على بصيرة من الأمر " والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم " ، وكذلك إذا أردت عدد إسمه تعالى ( لطيف) فى مراتبه الثلاثة تعمل هكذا :
1
2
3
4
ل
طـ
ى
ف
30
9
10
80
فيكون عدد إسمه ( لطيف) 129، ويعتبر المرتبة الأولى ولمعرفة المرتبة الثانية تضرب هذا العدد فى عدد حروف الإسم فتكون 129*4=516ولمعرفة المرتبة الثالثة تضرب نفس العدد فى نفسه هكذا 129*129=16641 وهذا هو نهايته التى يجب ألا يتعداها الذاكر وهكذا يكون الحال فى بقية الأسماء، وهأناذا قد بينت لك بعضا من أسرار الحروف ولطائف معانيها مما أجراه الله على اللسان ، وسبق به سابق القدر ، وقد ألمعت لك بشيئ من معانيها ولعل الله يطلعك على سر ما فيها والذاكر مخير فى أن يذكر بأية مرتبة من هذه المراتب على حسب فراغه وإقباله ، واعلم أن الذاكر القليل الدائم خير من الكثير المنقطع ، فقد ورد أن أفضل الأعمال أدومها وإن قل ، وقد نهى الإنسان عن ترك ما إعتاد فعله من العبادات حتى إن بعض الأئمة أوجب صوم النفل إذا دخل العبد فيه ثم أفطر، والله تعالى يقول " ولا تبطلوا أعمالكم " وكل ذلك تشجيع على الإستمرار فى العبادات ولهذا وجب عدم ترك ما إتادته الجوارح ، ويجوز ذكر الإسم مجردا " وهاب – الوهاب – ياوهاب " وكل هذا وارد عن السادة الصوفية ، وقد حدثت محاورة بينى وبين أحد رجال الطرق ، فقال لى : اذكر ( وهاب ) فقلت له : إن الذكر بياء النداء معناه الإستغاثة ، وأنا أذكر ( وهاب ) قاصدا الذكر فقط قال الله تعالى " واذكر سم ربك بكرة وأصيلا " باعتبار أن الذكر هو ذكر الإسم مجرد من غير ياء النداء لقوله تعالى " واذكر إسم ربك " و " سبح ربك " و " ذكر إسم ربه فصلى " فالمراد من الذكر ذكر الله ، هذا ، وإذا ذكرت – لا إله إلا الله – فابتدئ من وجهة اليمين ، لأن النفس الأمارة فيها ، ةالقلب جهة اليسار وهو محل الأنوار والأسرار ، ويلاحظ تحقيق الهمزة من ( إله ) فلا تجعلها ياء ، وإفتح الهاء فتحة خفيفة ولا تمدها كما يقع من بعض الذاكرين ، وكذلك عندما تذكر إسم ( الله) لا بد أن تحقق الهمزة وتسكن الهاء ، حتى لا تكون ( هلا هلا ) ووكذلك يجب أن تحقق حروف كل إسم وتسكن آخره ، ولذلك كان سكون الإسم فى كل مرة مع التكرار دليلا على ذكر الإسم مفردا ، وعموما فالمراد من الذكر أن يكون ( الله ) هو شغل القلب ، وهذا يورث الأنس الروحى للذاكرين ، وكلما ذكروا إسما ونهلوا من نفحاته نقلوا إلى إسم آخر ليذوقوا شرابه ، ويتلذذوا بأسراراه وأنواره فيظهر عليهم جلال الذكر وجمال العبادة " نورهم يسعى بين أيديهم ، وبعد الإنتهاء من ذكر الإسم يحتم بالفواتح والدعوات للحضرة الشريفة المحمدية وآل البيت والصحابة والتعابعين وجميع عباد الله الصالحين.....إلخ ، هذا وليس طريق الله بكثرة الذكر وترديد الوراد – فحسب – ولكنه إلى جانب ذلك تربية النفس ولاياضتها وتطهيرها من الحقد والغل والحسد مع النية الصالحة والحياة الفاضلة ، ويروى أن فرعون قال لإبليس : ألا يوجد فى الأرض شر منا ؟ فقال إبليس : بلى : الحامد، فياسيدى القارئ ، إذا ذكرت الإسم فليكن بتدبر وتضرع وخشوع ولتستحضر فى ذهنك معنى ما تقول ، غاضا بصرك وحواسك عن جميع الخواطر النفسية ملازما الطهارة الحسية والمعنوية ولا تكن ممن يدعون الحديث وهم لا يكادون يفقهون حديثا ، واعلم أن الذكر بأسماء الله الحسنى هو شعار الأنبياء والمرسلين ودأب الأولياء والصالحين فمن إتخذ إسم الله درعا له وقاه الله كل مكروه ، إن الذكر القليل الذى يدوم خير من الذكر الكثير الذى لا يدوم ،وأرجو ألا تستعمل الأسماء فى طلب البعيد أو المستحيل ( يعنى يجب ألا تطلب إلا ما يناسبنا ) وليكن الذكر إبتغاء وجه الله تعالى ، وفى سبيل مرضاته وبما يليق بجلاله وكماله ، والذكر محور دعاء العابدين فى أورادهم وتوجهاتهم إلى ربهم ، ومن هؤلاء الرجال من يذكر الله فى أوقات مخصومة ، وليال محددة وهذا الطائفة ( أى الصوفية ) يستعملون المسبحة من عهد رئيس الطائفة الصوفية ( الجنيد ) رضى الله عنه ، وقد جعلوا العدد تديدا لأعمالهم ، ومنافسة فى عمل الخير وتشجيعا لفعل الطاعات ، وعلى الذاكر أن يستحضر وقت ذكره حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن لهذا التخيل أثره البالغ فى علو همته ، وإتصال روحه بالحضرة المحمدية ، ولم يخالف أحد فى هذا الأمر ،لأن صلى الله عليه وسلم الإنسان الكامل ، ومجلى إسم الله الجامع لجميع الأسماء والصفات ، ونعود فنؤكد أن الأفضل للمبتدئين الإئتناس بالشيوخ الصالحين السالكين طريق الله ، وأحسن الكلام ما صدق قائله وإنتفع به سامعه ، ويحضرنى اللآن قول بعض الصالحين رضى الله عنهم : ( عليك بصحبة من تذكرك الله رؤيته ، وتقع فى قلبك هيبته يعظك بلسان فعله ولا يعظك بلسان قوله ) ، وفى المداومة على الذكر أى كسب ، وتلاف الندم والحسرة ، فقد ورد أنه " ليس يتحسر أهل الجنة إلا على ساعة لم يذكروا الله فيها " وتذكر ياأخى أن الدنيا فانية ، والآخرة باقية ، ولا رفيق إلى الآخرة خير من العمل الصالح ، فليكن ذكرك مبدئيا باللسان مع الحضور ومع قليل من الصبر والأناة تصل إلى ذكر القلب ، وبيسير من الشوق والإخلاصتصل إلى ذكر الروح الذى يصلك بفضل الله إلى ذكر السر والشهود .. وأرقى الذكر ألا يفتر لسانك عن ذكر الله مع الحضور – ما إستطعت – فإذا ذكرت الله فلتكن كلك إجلالا ، وإذا قرأت القرآن فلتكن كلك إعظاما ومن سره إن يستجاب له فى الشدة فليكثر الذكر فى وقت الرخاء فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( تعرف إلى الله فى الرخاء يعرفك فى الشدة ) وإذا صححت المناجاة إستراحت الجوارح قال رجل لإبراهيم بن آدم " قال الله عزوجل : " إدعونى أستجب لكم " فمالنا ندعو فلا يستجاب لنا ؟ فقال إبراهيم : من أجل خمسة أشياء :
1- عرفتم الله فلم تؤدوا حقه
2- وقرأتم القرآن فلم تعملوا به
3- وقلتم : نحب الرسول ، وتركتم سنته
4- وقلتم : نلعن إبليس، وأطعتموه
5- والخامسة : تركتم عيوبكم وأخذتم فى عيوب الناس
وقيل إبراهيم بن آدم : بم وجدت الزهد ؟
فقال فى ثلاثة أشياء :
1- رأيت القبر موحشا وليس معى مؤنس
2- رأيت طريقا طويلا وليس معى زاد
3- رأيت الجبار قاضيا وليس معى حجة.
ومن أراد ألا يضلفليمسك بميزان الشريعة فى يده عند كل قول أو عمل إذ أن الشيطان يقول : لألف عالم ضعيف الإيمان عندى أسهل من أمى قوى الإيمان ، لأن يتحير فى إغوائه ، فإذا تعبت يا سيدى من الذكر وعمل البر والإحسان فإصبر ، وإعلم أن التعب يزول ، وثواب عمل الخير يبقى ولا يحول ، وهكذا إذا وجدت لذة فى عمل الإثم فإن اللذة تزول ، والإثم يبقى ويدوم ، ولا نشاهد الغيوب إلا بصفاء القلوب ، ومن هنا نرى أن الذاكر يتدرج فى مقامقات السلوك والهدى ، ويجاهد نفسهمصداقا لقوله عليه الصلاة والسلام "( رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ) ، قالوا وما الجهاد الأكبر يارسول الله " قال :(جهاد النفس ) ،( إن النفس لأمارة بالسوء) فّا إهتدت النفس أصبحت لوةامة ، تلوم نفسها على ما مضى ، وتفئ إلى رشدها ، فتندم وتتذلل إلى الله ، وتطلب العفو والغفران ، ومتى صدق العزم وحسنت النية أصبحت النفس روحا ملهمة ، ويلهمها الله طريق الخير ، فتسلك طريق الهدى ، وتبتعد عن طريق المعاصى والآثام ، قال تعالى :(فألهمها فجورها وتقواها ) ولو تركنا للقلم العنان لكتب فى ذلك إلى ما شاء الله ، وبكثرة الذكر نشاهد العجب العجاب ، وإلزم بابا واحدا تفتح لك الأبواب ، وأخضع الله تخضع لك الرقاب ، ومن كانت بالله بدايته ، كانت إليه نهايته ، والسعيد من شغله ذكر ربه عن البحث فى عيوب خلقه ، فإن لكل مقام مقالا ، ولكل مجال رجالا ، ولكل جوف غذاء ، وغذاء الرجال لا يصلح للأطفال ، نادى منادى الحق " وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب " فلبى النداء أهل الرفاء ، رفعت الحجب فماذا تبصرون ، إشتاقت النفوس إلى حضرة القدوس، فهامت قلوبهم بذكر الله ألا إن الدعاء لجسم حى أفلا تعقلون ؟ سوانح النور حرام على النائمين ، وفيض الرضوان بعيد عن الغافلين ، طاب الوقت ورق الشراب فأين الذائقون ، هرعت الأرواح القدسية إلى مناجاة ربها فى محراب العبودية ، بفلوب راضية ، وأجفان دامية ، وهعيون ساهرة ، إلى ربها ناظرة ، إنما يدرك ليلة القدر المرتقبون ، يا قومنا : هذا ذكر الله ، إشارته واضحة للعارفين ، فيه ذكرى للذاكرين ، ومن يتبع غير الإخلاص سلما فلن يلج الأفق المبين ، ومن إشتغل بالخلق عن الخالق فهو من الهالكين ، إن هذا لهو حق اليقين ، لقد سار الركب فماذا تنتظرون ؟ فارقوا أطلال قوم صدوكم عن ذكر الله وعن مناجاة الحق ، إلى رحاب قوم كتب الله فى قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ، وأحيوا قلوبكم بتلاوة القرآن ، وغدوا أرواحهم بمناجاة الرحمن ، وإتق الله أيها الإنسان فبالتقوى تشرق روحك فى عوالم الزمان والمكان ، وإلا فكن كما تشاء : نورا أو ظلاما ، ملاكا أو شيطانا
إذا جن ليلى هام قلبى بذكركم أنوح كما ناح الحمام المطوق
وفوقى سحاب يمطر الهم والأسى وتحتى بحار بالأسى تتدفق
وإعلم أن أسماء الله كثيرة قال بعضهم : إنها ثلاثمائة وقيل ألف وواحد وقيل : أربعة وعشرون ومائة ألف على عدد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وقيل : ليس لها حد ولا نهاية ، ولكن أشهرها ما ورد فى حديث الترمذى عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن لله تسعة وتسعين إسما من أحصاها دخل الجنة )
وهاهى حسب رواية الترمذى :
بسم الله الرحمن الرحيم
ولله الأسماء الحسنى فإدعوه بها
هو الله الذى لا إله إلا هو
الرحمن ، الرحيم ، الملك ، القدوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبار ، المتكبر ، الخالق ، البارئ ، المصور ، الغفار ، القهار ، الوهاب ، الرزاق ، الفتاح ، العليم ، القابض ، الباسط ، الخافض ، الرافع ، المعز ، المذل ، السميع ، البصير ، الحكم ، العدل ، اللطيف ، الخبير ، الحليم ، العظيم ، الغفور ، الشكور ، العلى ، الكبير ، الحفيظ ، المقيت ، الحسيب ، الجليل ، الكريم ، الرقيب ، المجيب ، الواسع ، الحكيم ، الودود ، المجيد ، الباعث ، الشهيد ، الحق ، الوكيل ، القوى ، المتين ، الولى ، الحميد ، المحصى ، المبدئ ، المعيد ، المحيي ، المميت ، الحى ، القيوم ، الواجد ، الماجد ، الواحد ، الصمد ، القادر ، المقتدر ، المقدم ، المؤخر ، الأول ، الآخر ، الظاهر ، الباطن ، الوالى ، المتعال ، البر ، التواب ، المنتقم ، العفو ، الرؤوف ، مالك الملك ، ذو الجلال والإكرام ، المقسط ، الجامع ، الغنى ، المغنى ، المانع ، الضار ، النافع ، النور ، الهادى ، البديع ، الباقى ، الوارث ، الرشيد ، الصبور .
وذكر الأسماء يستوجب خلوة القلب بالمذكور ، ويورث الأنس بالله فتنتفع الروح بأسرار الأسماء ، وتشعر بعظمة الخالق ، والكلام فى ذلك كثير ، حتى لقد قيل ، إن الذكر أفضل العبادات حتى الجهاد ، فإن الأوراد أدعية وإستغاثات ، بخلاف الذكر فإنه ثناء محض ، وإقرار بالوحدانية ، وفى الحديث القدسى : ( من شغله ذكرى عن مسألتى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين ) ، وآثار الذكر فى نفس الذاكر تجل عن الوصف ، والذكرون أعلى الناس مقاما عند الله عز وجل ،وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أى العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة ؟ قال : الذاكرون ) وقال صلوات الله وسلامه عليه " من أحب أن يرتع فى رياض الجنة فلكثر ذكر الله عز وجل " ، وعن أنس بن مالك رضى الله عنه : قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يقول الله عز وجل : أخرجوا من النار من ذكرنى ، أو خاف مقامى )، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يقعد قوم يذكرون الله تعالى إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ، ونزلت عليهم السكينة ، وذكرهم الله فيمن عنده ) ، وفى اللحديث القدسى ( أنا جليس من ذكرنى ) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مثل البيت الذى يذكر فيه والبيت لا يذكر فيه مثل الحى والميت ) ، وقد أمر الحق – سبحانه وتعالى – نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يجالس الذاكرين الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه الكريم ، فقال :" وإصبر نفسك مع الذين دعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه " كما نهاه عن مجالسة غيرهم بقوله تعالى :" ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا ، ومن هنا يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ( إستكثروا الباقيات الصالحات وهى : التكبير ، والتهليل ، والتسبيح ، والحمد لله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم )، فإسعوا إلى ذكر الله بالرياضات والطاعات ، وإشربوا بفم روحكم رحيق هذه الإضافات ، حتى تشرق على عقولكم شمس المعرفة والتجليات وتفوزوا بنفائس القبول ونسائم النفحات .
إن شئت أن تحيا سعيدا فمت به شهيدا وإلا فالغرام له أهل
إسم الله الأعظم
إعلم – علمك الله ما لم تكن تعلم – أن الناس تكلموا فى إسم الله الأعظم كثيرا ، ولا يزالون يتكلمون إلا ما شاء الله والكلام فى هذا الإسم يطول حيث لا يعرفه إلا من وصل إليه ، فمن قائل يقول : " إنه ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ، وثان يقول : إنه ( يا حى يا قيوم ) وآخر يقول : إنه ( لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين ) وجاء فى تفسير البيضاوى عن دعاء يونس عليه السلام أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : ( ما من مكروب يدعو بهذا الدعاء إلا أستجيب له ) والمقصود قوله ( لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين ) ، ومن الأسرار التى يضن بها بعض الشيوخ : أن إسم الله الأعظم مكون من أحد عشر حرفا هى : ( أهم ، سقك ، حلع ، يص ) وهى تجميع العناصر الأربعة : ( النار ، والتراب ، والهواء ، والماء ) ، والذى يطمئن إليه قلبى ، وترتاح له نفسى : أن الإسم الأعظم إن كان مكونا من أحد عشر حرفا – كما يقولون – فإنه يكون إسم الله ، أن عدد حروفه كما يلى : الألف (أ – ل –ف ) ، واللام الأولى (ل-ا-م )واللام الثانية ( ل-ا-م ) والهاء (هـ - ا ) فالمجموع بذلك يكون أحد عشر حرفا ، وهذا هو أصح ما إتفق عليه من أقوال فى هذا الشأن ، ولا شك فى أن الأسماء كلها عظيمة ، وليس هناك ما يمنع من أن يكون كل إسم إنفعل بذكره الوجدان وفاضت له العينان ، وإقشعرت منه الأبدان ، هو الإسم الأعظم للذاكر ، لأن الله إخفى هذا الإسم فى أسمائه ، كما أخفى ليلة القدر فى الوتر من العشر الأواخر من رمضان وليس الشان فيمن يعلم ( الإسم الأعظم ) ولكن الشأن فيمن يكون هو ( عين الإسم الأعظم ) ولو عرف الناس الإسم الأعظم لانشغلوا ةبه عن غيره من صالح الاعمال : كتلاوة القرآن والصلاة على رسول الله والبر والصدقات والتهجد وغير ذلك من الأعمال الصالحات ، وبمناسبة ذكر إسم الله الأعظم : روى أن رجلا بمكة المكرمة من أهل العم والمعرفة أراد أن يعرف إسم الله الأعظم فهداه بحثه إلى أن ( ذا النون ) المصرى – بمصر – يعرفه ، فضرب أكباد الإبل حتى قدم إليه بمصر ، وأقام نفسه فى خدمته زمانا طويلا ، حتى حظى بعطفه وتقديره ورضاه ، فلما إطمأن إلى ذلك صارحه بحاجته ، ولكن ذا النون المصرى خاطبه فى هذا الشأن بما يزيد شوقه ورغبته ، وأراد ان يختبره فقال له : إنى مرسلك بهدية إلى صديقى (فلان) الذى تعرفه بالفسطاط ( مصر القديمة ) وأعطاه طبقا عليه مكبة محكمة الغطاء ، وقال له : لا ترفع الغطاء حتى توصله إليه ، فلما حمله ورآه خفيفا حدثته نفسه برفع الغطاء لينظر ما فيه ، فرفعه ، فإنفلتت من الطبق فأرة ، فسقط فى يده ورجع إلى الشيخ حزينا مما حدث ، فلما رآه الشيخ إبتسم وعرف القصة ، وقال له إئتمنتك على فارة فخنتنى ، فكيف أأتمنك على إسم الله الأعظم ؟ والله تعالى أعلم بحقائق أسرار أسمائه لا إله إلا الله
قال الله تعالى :" فإعلم أنه لا إله إلا الله " ولم يقل الحق – تبارك وتعالى – قل :" لا إله إلا الله " بل قال : " فإعلم " حتى تقال من يقين وإيمان ، وهى أول ما يبدأ به فى ذكر الأسماء ، وليست من أسماء الله الحسنى ، وهى كلمة الشهادة ، قال صلى الله عليه وسلم " أفضل ما قلته أنا والنبين من قبلى : لا إله إلا الله " ومعناها : لا معبود بحق إلا الله ، ولا معطى ولا مانع ، ولا ضار ولا نافع إلا الله ، وهى ( الكلمة الطيبة ) ، وهى ( كلمة التقوى ) وهى المقصود بقوله تعالى :" وجعلها كلمة باقية ) والحديث القدسى الشريف يقول : ( لا إله إلا الله حصنى ، فمن قالها دخل حصنى ، ومن دخل حصنى أمن من عذابى ) وقد جاء فى الجزء الرابع من الفتوحات المكية ص 52 لمحي الدين أبى العربى : ( أعتق رقبتك من النار بقولك :" لا إله إلا الله – سبعين ألف مرة " فهو – سبحانه وتعالى – غافر الذنب لمن قال : لا إله إلا الله ، وشديد العقاب لمن لا يقول : لا إله إلا الله ، ومما جاء فى فضل " لا إله إلا الله " ما روى عن على الرضا بن موسى الكاظم لما دخل نيسابور : كان فى قبة مستورة على بغلة شهباء وقد شق بها السوق فعرض له الإمامان : الحافظ أبو زرعة ، وأبو مسلم الطوسى ، ومعهما من أهل الحديث والعلم ما لا يحصى فقال أحدهما : يا أيها السيد الجليل إبن السادة الأئمة : بحق آبائك الأطهرين ، وأسلافك الأكرمين ،إلا أريتنا وجهك الميمون ورويت لنا حديثا عن آبائك عن جدك نذكرك به ، فإستوقف غلمانه ، وأمر بكشف المظلة ، وأقر عيون الخلائق برؤية طلعته وإذا ذؤابتان ( ضفيرتان ) معلقان على عاتقه ( كتفه ) والناس قيام على طبقاتهم ينظرون ، ما بين باك وصارخ ومتمرغ فى التراب ، وعلا الضجيج فصاحت الأئمة الأعلام : معاشر الناس أنصتوا ، وإسمعوا ما ينفعكم ولا تؤذونا بصراخكم ، وكان المستملى أبا زرعة ، ومحمد بن أسلم الطونسى ، فقال على بن الرضا رضى الله عنه : حدثنى أبى موسى الكاظم عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر عن أبيه على زين العابدين عن أبيه شهيد ( كربلاء ) عن أبيع على المرتضى قال : حدثنى حبيبى وقرة عينى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : حدثنى رب العزة سبحانه وتعالى قال : كلمة " لا إله إلا الله " حصنى فمن قالها دخل حصنى ، ومن دخل حصنى أمن من عذابى ، - ثم أرخى الستر على المظلة وسار.، قال أحمد رضى الله عنه : لو قرئ هذا الإسناد على مجنون لأفاق بإذن الله تعالى ، وقال أبو القاسم القشيرى رضى الله عنه : إتصل هذا الحديث بهذا السند ببعض أمراء الساسانية فكتبه بالذهب وأوصى بأن يدفن معه فى قبره فرئي فى المنام بعد موته ، فقيل له : ما فعل الله بك ؟ فقال : غفر لى بتلفظى بـ " لا إله إلا الله " وتصديقى أن محمدا رسول الله – أورد المناوى الكبير فى شرحه الكبير على الجامع الصغير.
هو
قال تعالى " وهو معكم أينم كنتم " إسم زائد عن الأسماء وهو ضمير عائد على الله تعالى ، ومعناه : ( حاضر لا يغيب ) إتخذه الصوفية فى أذكارهم كبقية الأسماء وهذا الإسم الشريف له هيبة عند العارفين تمطئن بذكره القلوب ، فعليك بذكره ، مستحضرا معناه ، لترى حلاوة لا تخلو من مشاهدة ، وإرتشف من هذا الينبوع الصافى ، لتهدأ نفسك ويبرد كبدك ، والشرط : الخلاص من الأفكار الفاسدة ، وإستحضار الحق وقت الذكر.
1- الله
قال تعالى :" الله خالق كل شيئ " ومعناه : إنفرد به الحق ، وكل الأسماء تابعة له ، وهو الإسم الأعظم المتفق عليه عند خواص العارفين ، وهو الإسم الدال على الذات المقدسة الجامعة للصفات الإلهية ، المنفرد بالوجود والوحدانية ، " هل تعلم له سميا " ، وقد ذكر لفظ الجلالة فى القرآن 980 مرة ، وإتخذ بعضهم هذا العدد إشارة إلى نهاية الورد اليومى ، ولكل شيئ سر وحكمة ، وهو أخص الأسماء إّذ لا يطلقه أحد على غير ذاته – سبحانه – ومن خصائصه : أنه تضاف إليه الأسماء على سبيل الوصف ، وهو لا يضاف إلى الأسماء على أنه وصف لها ، فتقول :" الله الرحمن " ولا تقول :" الرحمن الله " وقل : الله.. وليس فى قلبك سواه ، ويطيب لى فى هذا المقام أن أروى ما وقع بين أحد الرهبان والإمام أبى حنيفة ، فقد قيل : إن راهبا سأل عن المسائل الآتية وطلب من علماء المسلمين الرد عليها ، فأجابه الإمام أبى حنيفة .. وإليك وصف الحوار الذى دار بينهما ، قال الراهب : مذا قبل الله ؟فأجاب أبو حنيفة : هل تحسن العد ؟ قال : نعم قال : ما قبل الواحد ؟ قال : لا شيئ قبله قال : إذا كان الواحد الفانى لا شيئ قبله – فالله سبحانه – لا شيئ قبله ، ثم قال الراهب فى أى جهة يكون وجه الله ؟ قال : إذا أوقدت السراج ففى أى جهة يكون وجهه؟ فقال : ذلك نور يملأ المكان ، وليس له جهة قال أبو حنيفة : إذا كان النور الزائل الحادث لا جهة له فوجه ربى ( جلا وعلا ) منزه عن الجهة والمكان ، قال الراهب : ماذا يفعل ربك الىن ؟ فأجاب أبو حنيفة : يرفع أقواما ويخض آخرين " كل يوم هو فى شأن " فخجل الراهب وإنصرف ، وفى الأسماء الإدريسية السهروردية : ( ياالله المحمود فى كل فعاله ) ومن خواصه لمن كانت له حاجة متعسرة كلما توجه لا تقضى : يغتسل يوم الجمعه ويذكره داخل مسجد ، ويقرؤه طوال الوقت حتى الصلاة تقضى حاجته – كائنة ما كانت – إن شاء الله .
2- الرحمن
قال تعالى " الرحمن علم القرآن " ومعناه : واسع الرحمة والمغفرة شملت رحمته العظيمة جميع خلقه ، برهم وقاجرهم ، مؤمنهم وكافرهم ومن شأن الرحمة أنها تعم الدنيا والآخرة ، قال إبن المبارك " الرحمن إذا سئل أعطى ، فعليك أيها الذاكر أن تتحلق بالرحمة فترحم عباد الله ما إستطعت إلى ذلك سبيلا – ولا تزال مع العاصى حت يفئ إلى طريق الهدلية والإيتقامة ومن كان كثير النسيان فليلزم ذكره بعد كل صلاة عشر مرات ، مع إضافة إسم الجلالة ( الله ) فتقول ( الله الرحمن ) عشر مرات ، ثم تتلو الفاتحة للحضرة الشريفة المحمدية ولآل البيت الكرام رضوان الله عليهم أجمعين ، فبذلك تحفظ ما تسمع ، ولا تنسى ما تعلم ، والاعمال بالتوفيق ، والتوفيق من الله ويوافقه من الأسماء الإدريسية السهروردية : ( يارحمن كل شيئ وراحمه ) ومن خواصه أن من أكثر من ذكره – بدون عدد – كان عند الله وجيها ، وعند الناس صديقا ، وعند النبى صلى الله عليه وسلم مقربا وحبيبا وواصل....تصل
3-الرحيم
قال تعالى " سلام قولا من رب رحيم " ومعناه : دائم الرحمة الذى إذا لم يسأل يغضب ففى النعيم يفتح أبواب الشكر وفى البلاء يفتح أبواب الصبر، والخلاصة أن رحمة الرحمن تعم العالمين ورحمة الرحيم تخص المؤمنين ، وفضل الله أعظم من أن ييحيط به عقل ، أو يرقى إليه فهم وعلى الذاكر أن يرحم نفسه بالطاعة ، ويرحم الخلق بالشفقة عليهم ، والرأفة بطائعهم وعا صيهم والحديث الشريف يقول " إرحموا من فى الأرض ، يرحمكم من فى السماء "، ويوافقه من الأسماء الإدريسية السهروردية :( يا رحيم كل صريخ ومكروب وغياثه ومعاذه ) ، وهو من أعظم الأسماء لقضاء الحاجات حسب نية القارئ ، وهذا الإسم صالح لكل طائع وعاص ، لأنه من الأسماء التى يسلك القوم طريق الله ، ومن داوم على تلاوته – بون عدد – جعل الله عدوه صديقا ، ووجد راحة فى نفسه وبدنه ، والأمور مرهونة بمشيئة الله ، فعليك بالهمة وصحة الإعتقاد الجازم
4- الملك
قال تعالى : " فتعالى الله الملك الحق ، ومعناه أنه صاحب الملك والملكوت، المستغنى فى ذاته وصفاته عن كل ما سواه ، المحتاج إليه كل ما عداه ، سبحانه وتعالى ، يملك الحياة والموت ،والبعث والنشور ، وليتذكر الذاكرون قول الحق يوم القيامة عقب النفخة الأولى " لمن الملك اليوم ؟" ولما لا يجبه أحد أجاب نفسه بنفسه " لله الواحد القهار " ، وذاكر هذا الإسم إذا دخل على ظالم ذل لوقته وقد يجد الذاكر صعوبة فى النظق عند الإبتداء بذكره فلا يقلق ، وليثابر بذكر الإسم رويدا رويدا فسرعان ما ينطلق اللسان ، ويسهل النطق، وتشرق أنوار الذكر وإذا دخل النور القلب إنشرح صدره ، وأوصيك بذكره ليلا ، فما عقدت ولاية لولى إلا ليلا ، وأصلح بذكره قلبك ، قال ذو النون المصرى :( صلاح القلب ساعة أفضل من عبادة الثقلين ) اللهم إنا نسألك صدق التوكل عليك ، وحسن الظن بك
5-القدوس
قال تعالى :" هو الله الذى لا إله إلا هو الملك القدوس " ومعناه : شديد التنزه عما يقول المبطلون ، الطاهر المننزه عن النقص وموجبات الحدوث، والمنزه عما لا يليق به...نعم إنه منزه عن كل وصفيدركه حس أو يتصوره خيال أو وهم وفى الأثر:( كل ما خطر ببالك فهو هالك ، والله غير ذلك ) فلينزه الذاكر نفسه عن الشهوات البشرية التى تدفع الناس إلى الإنغماس فى الملذات الجسدية لان الوقوف عند حد الشرع واجب قالها سيدى عبد الرحيم القنائى حينما رأى شابا جميلا أمامه ، فجرى وهرب من أمامه فجرى وهرب من أمامه وقال : لا يجرؤ على الشبهات إلا من تعرض للمخالفات والإنسان غير معصوم وخير الولاية والعلم ما كان معه الأدب ، ومما شاهدته عند تلاوة هذا الإسم : أن الجوارح والحواس لا تشتهى معصية وقت ذكره فالعين تكره النظر إلى ما حرم الله والأذن تأبى سماع ما يغضب الله لأن للإسم تأثيرا على سائر جوارح الجسد ، فعلى الذين يريدون أن يتحرروا من شهوة الجسدوربقة المعاصى أن يلازموا ذكرهذا اللإسم الشريفليذهب الله عنهم رجز الشيطان، وجاء فى الخبر أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول فى سجوده " سبوح قدوس رب الملائكة والروح " ، وبهذه المناسبة أذكر أننى وآخرين كنا نتحدث فى معانى الأسماء والصفات وبين أيدينا كتب القوم ، وكنا نظن أننا وصلنا إلى مقام عظيم من الفهم والمعرفة وفى هذه الليلة رأيت فى عالم المثال قائلا يقول " تعالى الله عما كنتم تقولون علوا كبيرا " ومما جربته " أن من تعتريهم الوسوسة يصلح له ذكر " سبحان الملك القدوس الخلاق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز " وهذا مجرب أكيد ، وجاء فى الأسماء السهروردية :( يا قدوس الطاهر من كل سوء فلا شيئ يعادله من جميع خلقه ) ويصلح ذكره لمن يتكلم الناس فى حقه وعرضه – تنعقد ألسنة الناس عنه ولا يذكرونه بسوء ونيتك هى مطيتك .
6- السلام
قال تعالى " هو الله الذى لا إله إلا هو الملك القدوس السلام " ومعناه : الذى سلمت ذاته وصفاته من كل نقص وآفة ، والمسلم عباده من المهالك فلا سلامة إلا وهى منة صادرة سبحانه وتعالى ناشر السلام بين الأنام ، فعليك أيها الذاكر بسلامة جوارحك من الآثام ، وقلبك من الخواطر والأوهام ، فمن كان بربه إبتهاه ، كان به إرتقاؤه ومعراجه ، وحظ الذاكر المسلم من أخيه ثلاثة : إن لم ينفعه لا يضره ، وإن لم يسره فلا يغمه ، وإن لم يمدحه فلا يذمه ، حكى عن سيدى إبراهيم بن آدم رحمه الله أنه قال : كنت نزعت من باطنى حب أكل الفواكه كلها إلا حب الرمان ، فمررت برجل به مرض شديد حتى إن الزنابير تنهش لحمه فسلمت عليه فرد السلام باسمى من غير معرفة سابقة فقلت فى نفسى : لو كان هذا حاله مع الله تعالى لدعاه أن يخلصه مما هو فيه ، فقال لى على الفور : الغيبة حرام أدع الله أن يخلصك من شهوة الرمان فإن لدغة الزنابير على الأجسام أهون من لدغ الشهوات على القلوب والأبدان ، أما أنا فلا أترك الفاكهة زهدا فيها ولكن أكره أن أعطى نفسر مشتهاها ، اللهم خلصنا من ظلمة الغفلة والبعاد ، وإمنحنا دوام الذكر وحسن الإعتقاد وامنن علينا بما مننت به على أهل التقى والوداد....آمين .
7- المؤمن
قال تعالى " هو الله الذى لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن " ومعناه : الذى آمن العباد من المخاوف فلا أمن إلا منه ولا راحة إلا وهى صادرة عنه ، وقيل : معنى المؤمن المصدق لنفسه أنه صادق فى وعده لقوله تعالى " شهد الله أنه لا إله إلاهو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط " فشهد لنفسه بالوحدانية ، وعلى ذاكر الإسم أن يراقب قلبه وأحواله ويحفظ جوارحه من الإشتغال بما يصرفه به مولاه ، ومن أكثر من ذكره عصم الله لسانه من الكذب والبهتان ، وعلى الذاكر أن يقصد بذكره جه الله الكريم ويترك الحظوظ كلها ويخلع نعليه ، وينبذ شهوات نفسه وهواه ، ولا يكون له ميل ولا محبة إلا فى الله . والله اعلم .
8- المهيمن
قال تعالى " السلام المؤمن المهين " ومعناه : الشاهد المطلع أفعال مخلوقاته ، وهو القائم على خلقه ، المهيمن على أعمالهم ، الرقيب الحافظ لكل شيئ الذى يشهد خواطرك ويعلم سرائرك ويبصر ظواهرك ، وعلى الذاكر أن يكون مهيمنا على نفسه ، وأن يحاسبها ويراقبها فى كل الأمور ومداومة ذكره وردا عقب كل صلاة مائة مرة تنير القلب بنور الإيمان ، وتذهب وساوسه ونسيانه وتقوى حفظ الذاكرة ، واعلم أن الذكر أسرع فى الفتح والقبول ، فتشرق عليك أنوار الوصول وتشع من أنفاسك بركات الرسول ، وإذا ذكرت ربك بالقلب ، ذكرك بكشف الكرب.
9- العزيز
قال تعالى " المهيمن العزيز " ومعناه : الغالب الذى لا يغلب الذى تفرد بالعزة فلا ترقى الأهام إلى كماله وجلاله ليس له مثال ولا نظير لا يذل ولا يضام ولا ترقى إليه الخواطر والأفهام ومن عرف أنه المنفرد بالعزة وحده إعتز به وتذلل إليه ، وإذا كان العزيز من العباد يحتاج إليه العباد فى نصرتهم وقضاء حوائجهم فإنه تعالى أولى بأن نلجأ إليه ، لأنه – سبحانه وتعالى – واهب القوى للخلق جميعا ،( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا ) وفى الأسماء السهروردية ( يا عزيز المنيع الغالب على جميع أمره فلا شيئ يعادله ) ومن خواصه : أن من دوام ذكره صار عزيزا بين أقرانه ، وأعزه الله بعد الذل ، وأغناه بعد الفقر ، وآمنه بعد الخوف ، قال السهروردى ( من قرأه سبعة أيام متواليات أذل الله خصمه وعطف عليه كل من يراه ) وشرط النفعمداومة الذكر..... وفقنا الله لما فيه رضاه .
10- الجبار
قال تعالى :" العزيز الجبار " ومعناه : الذى لا يخضع لعظمته كل شيئ ، العالى فوق خلقه ، قاصم ظهور الجبابرة ، الذى تنفذ مشيئته فى كل أحد ولا تنفذ به مشيءة أحد ، فعلى الذاكر للإسم أن يقبل على تربية نفسه فيجبر نفائصها ويحملها على ملازمة الطاعة والتقوى ، حتى لا تزلزله الحوادث ، ولا تهزه النوائب فيستريح من التفكير وتعب التدبير ، ومن أكثر من ذكره لا ينظر إليه أحد إلا غشيته منه مهابة ، ومن مناجاة بعض الصالحين : يا جبار عجبت لمن يعرفك ... كيف يستعين باحد غيرك ؟ وعجبت لمن يعرفك ... كيف يرجو أحدا غيرك ؟ وعجبت لمن يعرفك ... كيف يلتفق إلى غيرك ؟ ، فيتقظ أيها الذاكر حتى لا يجد الشيطان مكانا لخديعتك ووسوسته لك .
11- المتكبر
قال تعالى " العزيز الجبار المتكبر " ومعناه : النفرد بالعظمة والكبرياء فلا كبرياء لسوله فمن عرف ذلك لزم طريق الذل والإنكسار والحيث القدسى يقول ( الكبرياء ردائى ، والعظمة والعظمة إزارى ، فمن نازعنى فيهما قصمته ولا أبالى ) ، ومن طريف ما حدث لى : أننى كنت أذكر هذا الإسم مستغرقا فى معناه ، فنظرت إلى نفسى ، فوجدتنى جالسا رجلا على رجل فى حالت تعاظم فتنبهت بسرعة وجلست مؤدبا ، وعلمت أن الواجب وقت الأذكار التواضع أمام عظمة الجبار. ، خاطب أبو زيد البسطامى ربه ( مناما ) فقال : يارب : بماذا أتقرب إليك ؟ فقال : تقرب إلى بما ليس فى... قال: وما الذى ليس فيك ؟ قال : الذى والإفتقار . ، والمتكبر من بنى الإنسان كالرجل فوق الجبل ، يرى الناس صغارا ، وهم يرونه صغيرا ويعجبنى قول أحد الصوفيه : لأن أبيت نائما وأصبح – نادما – أحب إلى من أن أبيت قائما وأصبح معجبا ، وفى الاسماء الإدريسية : ( يا جليل المتكبر على كل شيئ ، فالعدل أمره والصدق وعده ) ، تكرر هذا الإسم مع إسمه ( الجليل ) لأنه جلالى القدر ، وهو إسم رهيب مطاع ذاكره ، وإذا صادف أن كان الذاكر ممن ولاهم الله أمور الرعية ، إستقام حاله وحال رعيته ، وكان موفقا فى أعماله وأفعاله موقرا مسددا فى أحواله وأحكامه .
12- الخالق
قال تعالى " الله خالق كل شيئ " ومعناه : موحد الأشياء من العدم على غير مثال سابق ، غير مسبوقة بنظير ، لحكمة يعلمها ، قال تعالى : " هذا خلق الله فأرونى ماذا خلق الذين من دونه " ، فإنظر – أيها القارئ – وتأمل فى باهر القدر وعجائب الصنع لتنتقل من ملاحظة المصنوع إلى قدرة الصانع ، وتجتلى فى مشاهدة الخلائق روعة عظمة الله الخالق ، حتى إذا نظرت إلى شيئ وجدت الله عنده ، وكلما ذكرت الإسم شاهدت العجب العجاب من مواهب الله ، وفى الأسماء الإدريسية السهروردية ( يا خالق من فى السموات والأرض وكل إليه معاده ) وهذا الإسم يصلح ذكرا لمن كانت صناعته الزراعة ، فمن جعله ورده حفظ الله زراعته من الآفات وغير ذلك ، وسبب عد الإجابة هو الشك ، حفظنا الله منه ، ورزقنا التصديق والإيمان ، وخاصيته لمن غاب له غائب ، يقرره عند النوم حتى ينام ، يرى ما يسره بإذن الله تعالى .
13- البارئ
قال تعالى " هو الله الخالق البارئ " ومعناه : الوحد للأشياء ، المعطى كل مخلوق صفته التى علمها له فى الأزل ، بارئ النسيم من العدم إلى الوجود ، وخالقها بريئة من التنافر المخل بالنظام ، ومن أكثر من ذكره نال السلامة من كل مكروه ، فلا عيش إلا مع ذكر الله ، ولا عز إلا فى جانب الله ، وفى الأسماء الإدريسية ( يا بارئ النفوس بلا مثال خلا من غيره ) ، يكر هذا الإسم لمن طال مرضه وعجز الطب فيه ، فإن الله يعافيه من ذلك المرض ، ومن لم يحسن القراءة فليحمله ، وكل شيئ بإذن الله والأعمال بالنيات فمن إعترض ....طرد .... والله على كل شيئ قدير .
14- المصور
قال تعالى " هو الذى يصوركم فى الأرحام كيف يشاء " ومعناه : مبدع صور المخلوقات ومزينها بحكمته ، فهو المعطى كل مخلوق صورته على ما إقتضته حكمته الأزلية ، قال تعالى " لقد خلقنا الإنسان فى أحسن تقويم " وكثير من العارفين بالله يذكرون ( الخالق البارئ المصور ) ردفعة واحدة ، وهذا الإسم يصلح تلاوة لأرباب الصناعات والفنون الجميلة فيعين على إتقان العمل ويصل بصاحبه إلى طريق الشهرة والتوفيق ، والاعمال بالنيات ، اللهم إشغل قلوبنا بذكرك ورطب ألسنتنا بشكرك ..... آمين .
15- الغفار
قال تعالى " غافر الذنب وقابل التوب " ومعناه : يستر ذنوب عباده ويمحوها بالتوبة :" وإنى لغفار لمن تاب ، وإعلم أن الآيات الواردة فى المغفرة كثيرة ، قال تعالى " إن الله يغفر الذنوب جميعا " وقال :" ومن يغفر الذنوب إلا الله " وقال : " وإن ربك لذو مغفرة للناس ظلمهم " ووهو سبحانه ستار على من عصاه ، ومغفرة إلى الناس ستر ذنوبهم ، فيغفر الذنوب وإن كانت كبيرة ، ويستر العيوب وإن كانت كبيرة ، وتخلقك بهذا الإسم أن تعفو عمن أساء إليك ، قال صلى الله عليه وسلم ( من ستر على مؤمن عورته ستر الله عورته يوم القيامة ) و( سبحان من أظهر الجميل وستر القبيح ) ، ولهذه المناسبة روى أن عيسى عليه السلام مر مع الحواريين على كلب ميت عفن ، فقالوا : ما أنتن هذه الجيفة فقال عيسى عليه السلام : ما أحسن بياض أسنانه ، تنبيها غلى أنه ينبغى أن يذكر من كل شيئ أحسنه ، ومن أحب أن يكثر ماله وولده ويبارك له فى رزقه فليقل :"" أستغفر الله إنه كان كان غفارا " فى اليوم والليلة سبعين مرة ، فإن الله – سبحانه وتعالى – يقول " إستغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ، وإقرأ معى حديث النبى صلى الله عليه وسلم :" من لزم الإستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ، ومن كل ضيق مخرجا ، ورزقه من حيث لا يحتسب " فلازم ياسيدى الغستغفار ، لتكون من البررة الأطهارة ..... رزقنا الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة.
16- القهار
قال تعالى :" وهو القاهر فوق عباده " وقال تعالى " لمن الملك اليوم ، لله الواحد القهار " ومعناه الذى لا يطاق إنتقامه ، أذل الجبابرة ، وقصم ظهور الملوك والأكاسرة ، فأين الجبارة والأكاسرة عند ظهور الخطاب ؟ وأين الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين ؟ وأين أهل الضلال والإلحاد والتوحيد والإرشاد ؟ وأين آدم وذريته ؟ وإبليس وشيعته ؟ لقد ثلاشت الأشباح وبقى الموجود الذى لم يزل ولا يزال ، والمقصود من ذكره : أن تقهر شهوتك وغضبك ، وترجع غلى الله تعالى ، ولا زلت أكرر ان المسلم من أسلم حاله لمشيئة الله تعالى ، وأوحى الله إلى داود عليه السلام : ( يا داود : إن سلمت لى فيما أريد كفيتك ما تريد ، وإن لم تسلم لى فيما أريد أتعبتك فيما تريد ، ولا يكون لك إلا ما أريد ، فكرر يا أخى ذكر هذا الإسم وراقب ربك ، لتقهر شهوتك وغضبك ، فإذا فعلت فقد قهرت أعداءك وشيطانك وشهواتك ، وإذا جعلت همك هما واحد كفاك ربك جميع الهموم ، وفى الأسماء الإدريسية السهروردية " يا قاهر ذا البطش الشديد أنت الذى لا يطاق إنتقامه ) ولا يكن لفظ هذا الإسم إلى سمعك بأسرع من معناه إلى قلبك ، لأن هذا الإسم لا يحتاج إلى تعليق ، ونترك الكلام عنه لفطنة الذاكر ، فليس كل ما يعرف يقال ، وله خواص عجيبة ، وفوائد غريبة ، وبعد : قلنا مع الإسم أحوال ، وهو ظاهر لفظه ومعناه ، ويكفى الإشارة إليه ، ولكل مقام رجال ، ومن نظر فى معانيه ، فالله قاهر خصمه وأعاديه ، وتنفع تلاوته فى جميع التوجهات
17- الوهاب
قال تعالى " إنك أنت الوهاب " ومعناه : كثير النعم ، دائم العطاء والمعطى كل محتاج إليه لا لغرض ولا لعوض ، فإذكر مولاك ، فإنه يرعاك فى دنياك أوخراك ، وإيأل الوهاب من فضله ، ولا ترج غيره ولا تتوقع الخير إلا منه ، فمن ذكر الوهاب فتح الله له كل باب ، حكى أن الشبلى سلأل بعض أصحاب ـبى على الثقفى ، فقال " أى إسم من أسماء الله تعالى يجرى على لسان أبى على ؟ فقالوا : ( الوهاب ) فقال الشبلى : فلهذا كثر ماله والله أعلم.
18- الرزاق
قال تعالى :" إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين " ومعناه : خالق الأرزاق والأسباب ، رازق الأبدان بالأطعمة ، والأروح بالمعرفة ، فقد خص الأغنياء بوجود الأرزاق ، وخص الفقراء بشهود الرزاق ، وهو – وحده – مالك الرزق ، يبسطه لمن يشاء ، فمن علم ذلك أيقن ان رزقه ليس فى يد أحد غيره – سبحانه ، أبى الله يرزق عبده المؤمن إلا من حيث لا يحتسب ، فقد أخذ الله العهد أن نعبده كما أمر ، وأن يرزقنا كما وعد، فعليك بمداومة الذكر ، وإجعل يدك خزانة لله ، ولسانك وصلة بينك وبين خلق الله ، وإطلب من الله أن يرزقك علما هاديا ، ولسانا مرشدا ، ويدا منفقة متصدقة ، فإن الله تعالى إذا أحب عبدا أكثر حوائج الخلق إليه ، وحبب إلى نفسه قضاءها ، وقيل : إنه من أذكار ميكائيل عليه السلام ، ولا يذكره أحد إلا يسر الله رزقه بغير سبب ولا حساب ، بعث الشبلى إلى غنى قائلا : إيعث لنا شيئا من دنياك ، فكتب الغنى إليه : سل دنياك من مولاك ، فأجابه الشبلى : الدنيا حقيرة ، وأنت حقير ، ولا أسأل الحقير إلا من الحقير ، ولا أطلب من مولاى إلا مولاى ، وسئل بعضهم : من أين تأكل ؟ قال : منذ عرفت خالقى ما شككت فى رازقى .،روى أن جماعة دخلوا على الجنيد رحمه الله ، فقالوا : نطلب أرزاقنا ؟ قال : إن علمتم أنه ينساكم فذكروه ، فقالوا : ندخل بيوتنا ونتوكل على الله؟ فقال : التجربة مع الله شك فى الله ، قالوا ما الحيلة ؟ قال : ترك الحيلة والله هو الهادى والمعين.
19- الفتاح
قال تعالى :" وهو الفتاح الفتاح العليم " وقال :" ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها " ومعناه : أنه يفتح خزائن الرحمة لخلقه ، وبعنايته ينقتح كل مغلق ، وبهدايته ينكشف كل مشكل ، فتح قلوب المؤمنين بمعرفته ، وفتح للعاصين باب مغفرته ، فمن ذكره بعد صلاة الفجر ووضع يده على صدره ، ظهر الله قلبه ، وأزال همه وغمه ، ومن علم أن الله هو الفتاح لكل أبواب اليسر لا يتعلق قلبه بغيره ، ولا يفكر إلا فيه ، وقد قصدنا الإختصار ، لا التطويل والإكثار ، وإذا صحت المناجاة إستراحت الجوارح.
20- العليم
قال تعالى :" ذلك تقدير العزيز العليم " وقال " إن الله بكل شيئ عليم " ، ومعناه : لا تخفى عليه خافية ، صافية أو دانية ، وهو العالم بما كان وما يكون وبما لا يكون ، فإن علم الله بالأشياء سابق عليها وسبب لها ( لا يخفى عليه شيئ فى الأرض ولا فى السماء )، أحاط بكل شيئ علما ، وأحصى كل شيئ عددا ، فمن علم ذلك صبر على بليته ، وشكره على عطيته ، ومن أكثر من ذكره رزقه الله الفهوم الربانية ، والعلوم اللدنية ، وظهرت على لسانه الحكم الإلاهية ، واللله أعلم بالصواب ، والهادى إلى طريق الرشاد.
21- القابض
قال تعالى :" والله يقبض ويبسط " ومعناه يمسك الرزق عمن كيف يشاء وقيل : هو الذى يقبض الأرواح عند الموت ، وينشرها فى الأجساد عند البعث ، ووهذا الإسم من أذكار عزرائيل عليه السلام ، فمنكان مظلوما وإتخذه ورداله أهلك الله ظالمه ، وا أذكر ذلك لإلا للعلم ، فليس من شعارنا الإنتقام ، فالعفو من شيم الكرام ، وبعض العارفين يذكر ( القابض والباسط ) معا ، قائلا : لا يوصف الله بالقبض دون البسط ، يعنى : أنه لا يوصف بالحرمان دون الغطاء ، ولا بالعطاء دون الحرمان ، واعلم ياسيدى أننى أذكر كل إسم مفردا ، وعندما أذكر ( القابض ) أعتقد أنه – سبحانه وتعالى – يقبض السوء والشر عنى ، فإنه يقبض شر الظالمين عن عباده المستضعفين ... فإذكر وإجتنب الضجرحال ذكره ، لترى القبض عادلا ، والبسط فضلا ، راضيا بقضائه صابرا على بلائه ، فتارة يبسط قلوب العباد ويذكرهم بنعمائه ، وأخرى يقبض نفوسهم وينذرهم بجلال كبريائه ، فعليك – ي أخى – بالمداومة على ذكر الله ، ليلهمك بديع الحكم وؤتيك جوامع الكلم .
22- الباسط
قال تعالى " الله يبسط الرزق لمن يشاء ويبسط " ومعناه : أنه يوسع الرزق على من يشاء من عبالده ، وقيل : إنه من أذكار إسرافيل عليه السلام فمن ذكره وكان صاحب همة صادقة بسط الله رزقه ، وأحيا قلبه ، وأزال همه وغمه ، وأحبه كل من يراه ، كثير منا يتعجل الإجابة ، ويقول : ربى لم يستجيب لى ، ويسئ الظن بربه ، وهذا ليس من شيمة المسلمين ، قال أحد الصالحين ، سألت الله حاجة من أربعين سنة فما أعطا نيها ، ولا يئست من طلبها ، وهذا هو التسليم وتفويض الأمر لله من قبل ومن بعد ، فإفهم الإشارة ( وقل عسى أن يهدين ربى لأقرب من هذا رشدا ).
23- الخافض
هو الذى يخفض بالإذلال من تعاظم وتكبر ، وشمخ بأنفه وتجبر ، يخفض أقواما ويرفع آخرين ، يرفع الحق ويخفض الباطل ، فذاكره يوالى من أحب الله ، ويعادى أعداء الله ، ومن أخلص لله فى دعوته من الله عليه إجابته ، ملحوظة : علم أسماء الله تعالى علم من أشرف العلوم ، ولهذا كتم العارفون خصائصه ونفائسه ، لئلا يقع عليه من ليس أهلا له ، ولا بد من الطهارة القلبية والخروج من الشهوات النفسية.
24-الرافع
الرافع للمرمنين بالنصر والإعزاز ورافع الأبرار إلى أعلى الدرجات ، يرفع من تولاه إلى أفق المقربين ، كما يخفض من عصاه إلى أسفل سافلين ، وهذا الإسم الشريف يرفع شأن المستضعفين فى قومهم ، وينصر المظلومين على أعدائهم ، وقد رأيت فى كتب القوم جواز ذكر ( الخافض والرافع ) معا ، ولكننى أذكر كل إسم على حدة ، وللذاكر أن يختار ما يشاء ، حكى عن بعض العلماء أنه كان يفسر فى درسه قوله تعالى :" كل يوم هو فى شأن " فأتاه سائل : ما شأن ربك الآن ؟ فأطرق برأسه ، وقام متحيرا ، فرأى النبى صلى الله عليه وسلم وشكا إليه حاله ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم : إن السائل لك هو الخضر عليه السلام ، فإذا أتاك فى غد فقل له : شئون يبديها ولا يبتديها ، يرفع أقواما ويخض آخرين " فلما أصبح أتاه السائل وسأله ، فأجابه بما قاله النبى صلى الله عليه وسلم فقال الخضر : صل على من علمك
25- المعز
قال تعالى " وتعز من تشاء" ومعناه : المعز لمن أطاعه ، يعز من يشاء ويؤتى ملكه من يشاء ، وهو الذى أعز أولياءه بحفظه ورعايته ، وغفر لهم ما شاء بفضله ورحمته ، فمن داوم على ذكره جعله الله فى مركز العزة ، وأودع فى قلوب الخلق هيبته ، قال على بن الحسين رضى الله عنهما : من أراد عزا بلا عشيرة ، وهيبة بلا سلطان ، وغنى بلا مال ، فليخرج من ذل المعصية إلى عز الطاعة ، ومن المأثور : اللهم أنقلنا من ذل المعصية إلى عز الطاعة ، اللهم أعز بطاعتك ولا تذلنا بمعصيتك ، وتوجنا بتاج عزتك.
26- المذل
قال تعالى " وتذل من تشاء " وعناه : الذى أذل أعداءه بحرمان معرفته ، فمن ذكر الله بهذا الإسم مائة مرة قبل طلوع الشمس أذل الله عدوه وأعز وليه ، فعليك – يا سيدى – بمداومة ذكره ، وتدبر معانيه ، ويةافقه فى الأسماء الإدريسية السهروردية :" يامذل كل جبار عنيد بقهر عزيز سلطانه " وهو من الأسماء القهرية ، ونترك أيضا الكلام بشأنه لتقدير الذاكر.
27- السميع
قال تعالى " وهو السميع العليم " ومعناه : مدرك المسموع وإن خفى ، لا يفوت سمعه شيئ ولا يشغله نداء عن نداء ، ولا تخفى عليه أصوات خلقه ، فى سمائه وأرضه ، فمن علم أن الله سميع حفظ لسانه فلا يتكلم إلا بخير ، ومن أكثر من ذكره بلا عدد بعد تأدية الفريضة لم ترد له دعوة وكان فى قومه مسموع القول مطاع الكلمة ، كان رجل يدعو الله فى الحرم الشريف ، فيقول : اللهم إنى فقير كما ترى فماذا أرى فيما أرى ، يامن يرى ولا يرى ، فبينما هو كذلك إذا حضر شخص من بلده ، وأخبره أنه وريث لأحد أقربائه ، وأنه ترك له ميراثا كبيرا ، فقال أحد الحاضرين : ما رأيت دعوة إستجيبت بمثل هذه السرعة ، فقال الرجل : أل ترى أنى دعوت سميعا مجيبا ، والله يؤتى الحكمة من يشاء ، ومن كان لله ، كان فى حفظ الله .
28- البصير
قال تعالى " إنه هو السميع البصير " يشاهد ولا يرى ، لا يغيب عنه مافى السموات العلى ، وما فى الأرض وما بينهما وما تحت الثرى ، وهو الحاضر الذى لا يغيب ، فمن علم أن الله ناظر إليه لم ينظر إلى حرام ، والمراقبة من ثمرات الإيمان ، فإن عليك من الله عيونا تراك ، ومن إرتكب إثما وهو يعلم أنه يراه فما أشد جرأته على الله ، وما أعظم شقوته فى دنياه وأخراه ، ومن ذكر الإسم بعد صلاة الجمعه مائة مرة بأن يقول " يا الله يا بصير – دون أن يتكلم مع أحد - ظهر الله سريرته ، وأنار بصيرته ، ومن كان لله كان الله له.
29- الحكم
قال تعالى " إن الحكم إلا لله " فهو الحاكم النافذ حكمه ، الذى لا راد لقضائه ، ولا معقب لحكمه وهو الحكم بين عباده ، المظهر الحق من الباطل ، المنتصف للمظلوم من الظالم ، لا يقع فى وعده ريب ، ولا فى فعله عيب ، حكم على القلوب بالرضا والقناعة ، وعلى النفوس بالإنقياد واطاعه ، فإذا أرضيت ربك ، أرضى الله عنك كل شيئ ، ومن ذكر هذا الإسم فى جوف الليل على طهارة تامة جعل الله باطنه موطن الأسرار الربانية ، وظاهره مشرق الانوار الرحمانية .
30- العدل
قال تعالى " إن الله يأمر بالعدل والإحسان " وعناه : المنزه عن الظلم والجور فى أفعاله وأحكامه ، الذى يعطى كل ذى حق حقه ، ويضع كل شيئ موضعه ، ولا يصدر منه إلا العدل ( ولا يظلم ربك أحدا ) ، وتذكر دائما ان العدل جنة المظلوم ، وجحيم الظالم ، ومن لازم ذكره إثنتين وتسعين مرة قبل طلوع الشمس وكان حاكما ألهمه الله فى العدل رعيته ، ووفقه لما فيه الخير لأمته ، ويوافقه من الأسماء الإدريسية السهروردية : ( يا كريم العفو ذا العدل ، أنت الذى ملأ كل شيء عدله) ولعظمى هذا الإسم ذكر مع الأسماء : العفو والكريم ، وقد ذكر هنا لأنه من الأسماء المستجابة ، وغختر لنفسك ما تصطفى من الأذكار.
31- اللطيف
قال تعالى :" الله لطيف بعباده " ومعنى اللطيف : العالم بخفيات الأمور ، وقيل : مصور الشيئ فى قالب ضده ، وهو – سبحانه – البر بعباده ، الذى يلطف بهم من حيث لا يعلمون ، ويهيئ مصالحهم من حيث لا يحتسبون ، ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) سبحانه ... أخفى عواقب الأمور فى قلوب أضدادها كما أخفى ليوسف عز الملك فى ثوب الرق حتى قال ( إن ربى لطيف لما يشاء ) ، ذكر الإمام الغزالى أن رجلا حبس مظلوما وكان دعاؤه ما قال يوسف عليه السلام :" إن ربى لطيف لما يشاء/ أنه هو العليم الحكيم " فجاءه شاب فى بعض الليالى ، فقال له : قم فغخرج من سجنك ، فقال الرجل أخرج والأبواب نغلقة ؟ قال : قم ويحك ، فقام وخرج ، وما إعترضه باب إلا فتح بإذن الله ، ومشى معه حتى أخرجه من البلدة ، ثم قال له ( إن ربى لطيف لما يشاء.....) ، وهو إسم عظيم الشأن ، سريع الإجابة ، ويصلح لتفريج الكروب عند الشدائد ، ولا يضاف إليه غيره من الأسماء ، فلا يذكره من وقع فى شدة إلا وشاهد كيف تنحل وتنفرج ، ومن داوم على ذكره وجعله من ورده وسع الله عليه ، ولطف به فى جميع أموره ، وعلينا النصيحة لا إصلاح السرائر ، فلا يقدرعلى إصلاحها إلا ربها ، وأذكر أنى كثيرا ما ذكرت هذا الإسم مائة ألف مرة فى الليلة الواحدة من بعد صلاة المغرب حتى الصباح ، وكان بعض المريدين يطلب من شيخه الإذن بذكر إسم الله تعالى ( لطيف ) فكان لا يأذن بذكره إلا لمن هو أهل له ، وإعلم أن من الذاكرين من يذكره ( 129 مرة ) بعدد حروفه - كما جاء فى حزب سيدى ( على البيومى ) وغيره من الأوراد - ومنهم من يذكره (313 مرة ) إلى تمام ( 16641 مرة ) .
32- الخبير
قال تعالى :" ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير " ومعناه : الذى لا يخفى عليه شيئ فى الأرض ولا فى السماء، ولا تتحرك حركة ، ولا تسكن ساكنة فى السموات والأرض إلا ويعلم مستقرها ومستودعها ، ومن خصائص هذا الإسم أن من كانت له حاجة يريد معرفة امرها فليقرأ عند النوم " ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير " حتى يغلبه النوم ، فإنه يرى ما يكشف له وجه الصواب فيها ، إن شاء الله تعالى ، وقد جربت ذلك مرارا ، لأن كل إسم يعطى ذاكره بقدر ما فيه من قوة ، لا أريد أن أخفى عن القارئ شيئا ربما كانت فيه فائدة له .
33- الحليم
قال تعالى :" وإعلموا أن الله غفور حليم " وومعناه : الذى غفر بعد ما ستر ، لا يسارع بالمؤاخذه ، ولا يعجل بالعقوبة ، يتجاوز عن الزلات ، ويعفو عن السيئات ، ويمهل العاصى حتى يتوب ، لا يستخفه عصيان عاص ، ولا يستفزه طغيان طاغ ، وقد ذكر فى بعض خواص هذا الإسم ، أن من ذكره عند جبار وقت غضبه سكن غضبه ، واللائق بذاكر هذا الإسم ، أن يتجمل بالحلم، ويتزين بالأناة والصبر ، ويتحلى بالصفح والإحسان ، وينظر إلى العصاة بعين الرحمة ، ويرى أن كل معصية فى الناس كأنها فيه ، والحكمة تقول : إنه لا راحة فى الدنيا ولا شفاعة فى المةت ، ولا راد لقضاء الله ، ولا حيلة فى الرزق ، ولا سلامة من الناس ، روى أن إبراهيم عليه السلام رأى رجلا مشتغلا بمعصية ، فقال : اللهم أهلكه فهلك ، ثم رأى ثانيا وثالثا ، فدعا الله فهلكوا ، فرأى رابعا فهم بالدعاء عليه ، فأوحى إليه : قف يا إبراهيم ، فلو أهلكنا كل عبد عصى لما بقى إلا القليل ، ولكن إذا عصى أمهلناه ، فإن تاب قبلناه ، لهذا إذا قابلت عاصيا فتأدب معه – وإن كان قلبك يلعنه – فمن لم يتأدب مع الناس فقد أخطأ طريق الصواب ، شم سفيه صالحا فلجأ الصالح إلى الله يشكره ، لأن هذا السفيه كان سببا فى تةجهه إلى الله ، ولينظر الإنسان الأرض فهى تحمل كل شيئ من قبيح ةمخلفات الخلق ، ولمنها تخرج الورود والرياحين ، وهذا من آثار الحلم الإلهى ، ويوافقه من الأسماء الإدريسية السروردية : ( يا حليم ذا الأناة فلا يعادله شيئ من خلقه ) ، يصلح ذكره لمن عندهم متعاب نفسية ، يزول ما بهم من حدة وشدة ويلهمون سعة الصدر فى معاملة الأهل والخلق.
34- العظيم
قال تعالى :" وهو العلى العظيم " ومعناه : الذى لا شيئ أعظم منه سبحانه ليس لعظمته بداية ، ولا لكنه جلاله نهاية ، لا يتصوره عقل ولا يحيط بكهنه بصر ولا بصيرة ، الذى علا جده ، وتعالى مجده ، فمن غلب على عقله تعظيم الله خضع لهيبته ، ورضى بقسمته ، ولا يرضى بدونه عوضا ، ولا ينازع له إختيارا ، ويذل فى رضاه كل ميسور ، من أدرك عظمته صغرت الأشياء أمامه ، فإذا أهمك أمر فقل ( ياعظيم نسألك بإسمك العظيم ، أن تكفينى كل أمر عظيم )، فغنهض من نوم الغفلة وتيقظ فقد طلع الصباح ، وأقلع عن الذنوب ، وإسكب الدموع ، وإفتح أذن قلبك ، وهز فؤادك ، وإملا روحك بالنور ، وإعترف من هذا الشراب الطهور ، ( وفى ذلك فليتنافس المتنافسون ) ، ويوافقه من الأسماء الإدريسية السهروردية :" يا عظيم ذا الثناء الفاخر والعز والمجد والكبرياء فلا يذل عوه " ، ومن خواصه : تظهر على تاليه آثار الهداية ، ويعظم فى أعين ناس ، ويصبح مطاعا مهابا ، والإختصار أولى من الإكثار .
35- الغفور
قال تعالى :" وكان الله غفورا رحيما " ، وقال :" نبئ عبادى أنى أنا الغفور الرحيم " ومعناه كثير المغفرة ، قابل المعذرة ، تام الغفران ( يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ) ، وعلى ذاكر الإسم أن يتخلق به فيسامح من أساء إليه ، فالله تعالى يقول :" فليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم " ، قال الأصمعى : وقف أعرابى مقابل الروضة الشريفة ، فقال : اللهم هذا حبيبك ، وأنا عبدك ، والشيطان عدوك ، فإن غفرت لى سر حبيبك وفاز عبدك ، وغضب عدوك ، وإن لم تغفر لى حزن حبيبك ، ورضى عدوك ، وهلك عبدك ، وأنت أكرم من أن تحزن حبيبك ، وترضى عدوك ، وتهلك عبدك ، اللهم : إن العرب الكرام إذا مات فيهم سيد أعتقوا على قبره ، وإن هذا سيد العالمين فأعتقنى على قبره ، قال الأصمعى : فقلت : يا أخا العرب ، غفر الله لك وأعتقك بحسن هذا السؤال ، والمهم مداومة الذكر حتى لا تقع فى الغفلة ، والمبادرة بالتوبة ، وقل – الله – وليس فى قلبك سواه .
36- الشكور
قال تعالى :" إنه غفور شكور " ومعناه : موفق عباده لأداء شكر نعمته يجازى على يسير الطاعات كثير الدرجات ، ويعطى بالعمل المحدود نعيما غير محدود ، فإعرف ياسيدى نعم الله عليك ، لتقوم بتأدية حمده وشكره ، لأنه سبحانه وتعالى يطلب من عباده الزيادة فى العبادة ، ليرفع من شأنهم ، ويزيد فى ثوابهم ، والله يقول " لئن شكرتم لأزيدنكم " ويقول " فإذكرونى أذكركم " و" إشكروا لى ولا تكفرون " ، وجدير بذاكر هذا الإس أن يكون شاكرا للعباد على حسن صنعهم معه ، فالحديث يقول : ( لا يشكر الله من لا يشكر الناس ) ومن داوم على ذكر إسم الشكور دامت عليه نعم الله ، وحفظت من الزوال ، وبارك الله فى عافيته وبدنه ، ومما قرأته فى باب الشكر أن داود عليه السلام قال : يارب كيف أشكرك وأنا لا أستطيع شكرك إلا بنعمة ثانية ؟ فأوحى الله إليه : إذا عرفت ذلك فقد شكرتنى ، ومما إطلعت عليه فى بعض الكتب وأعجبتنى : أن من قرأه على ماء إحدى وأربعين مرة ، ثم شرب منه ومسح به وجهه أذهب الله عنه ضيق الصدر ، والتعب فى البدن ، والثقل فى الجسم ، وضعف البصر ، فإستروح بهذا الذكر ما تتزود به فى مواجهة متاعب الحياة0
37- العلى
فال تعالى " وهو العلى العظيم " هذا الإسم من أسماء التنزيه ، ومعناه : الرفيع المنزلة ، المستعلى فوق خلقه بقدرته وجبروته ، هو الذى علا فلا تدرك ذاته ، ولا تتصور صفاته ، تاهت الألباب فى جلاله ، وعجزت العقول عن إدراك كماله ، وذاكر هذا الإسم إذا عرف علو الحق – سبحانه – سمت همته إليه ، فمن تذلل وتواضع لله فى نفسه رفع الله قدره على أبناء جنسه ، ويناسبه من الأسماء الإدريسية : " ياعالى الشامخ فوق كل شيئ علو إرتفاعه "ولهذا الإسم خاصية عجيبة ، فمن كان له زميل مسيئ ، أو جار سوء ، ، فيذكره على نية إصلاح الحال ، أصلح الله حالهما ، والله يختص برحمته من يشاء.
38- الكبير
قال تعالى ": عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال " وقال "...وأنه هو العلى الكبير " ومعناه : الكبير فى عظمته عن مشاهدة الحواس وإدراك العقول ، لا ينازعه فى كبريائه أحد ، ولا تهتدى القلوب لوصف عظمته ، الله أكبر من الموجودات ، وأعلى واعظم وأعز من كل شيئ ، وهو أكبر من أن يقاس به شيئ – سبحانه وتعالى ، جاء فى شرح الأسماء الإدريسية أن من قال : ( يا كبير أنت الله الذى لا تهتدى العقول لوصف عظمته ) أدى الله عنه دينه ، وإتسع رزقه مادام يتلوه ، وإن داوم على ذكره معزول عن وظيفته ، كل يوم ألفا – وهو صائم – فإنه يرجع وظيفته بإذن الله تعالى ، فتداو – يا سيدى – من الذنوب ، فبذكر الأسماء تتداوى القلوب ، جاء فى الحديث :" لا يكبر عليكم شيئ مادامت كلمتكم : الله أكبر "
39- الحفيظ
قال تعالى :" إن ربى على كل شيئ حفيظ " ومعناه : العالم بجميع المعلومات علما لا تغبر فيه ولا زوال ، المحيط بما فى السموات والأرض ، يحفظ وجودهما ، ولا يئوده حفظهما ، وهو الذى يحفظ جميع خلقه ، ويحفظ العناصر المتكون منها الخلق ، ولولا تجلى إسمه ( الحفيظ ) لأفنى القوى الضعيف ، ولتنافرت جميع المركبات والموجودات ، وجدير بذاكر الإسم أن يحفظ جوارحه وقلبه من سطوة الغضب ، وغلبة الشهوة ، وخداع النفس ، وغرور الشيطان ، وفى الأسماء الإدريسية :" يا علام الغيوب فلا يفوت شيئ من حفظه " وخواصه لمن لا يستطيع حفظ العلوم ، يذكره مع قوله تعالى:" الرحمن*علم القرآن*خلق الإنسان* علمه البيان"، وحسن الإعتقاد ينقع ولا يضر ، والله الموفق .
40- المقيت
قال تعالى :" وكان الله على كل شيئ مقيتا " : أى رقيبا ومهيمنا ومقتدرا وحافظا وشهيدا ، سبحانه ، يعطى كل خلق قوته ، يمنح الأبدان الطعام ، والقلوب والمعرفة والإلهام ، خالق الأقوات وموصلها للأبدان ، وهو حافظ حياتهم بما يفوتهم به " وإن من شيئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم "ويناسبه من الأسماء الإدريسية L يا عالى الشمخ فوق كل شيئ علو إرتفاعه) ولهذا الإسم خاصية عجيبة ، فمن كان له زميل مسيئ أو جار سوء فيذكره على نية إصلاح الحال ، أصلح الله حالهما ، والله يختص برحمته من يشاء.
41- الحسيب
قال تعالى " وكفى بالله حسيبا " ، وقال " وكفى بنا حاسبين " ، وقال " وهو أسرع الحاسبين " ومعناه " المحاسب عباده على أعمالهم : يجلس الطائعين فيجزيهم على طاعتهم ، والعاصين ويجازيهم على معصيتهم ، وهو – جل شأنه – حسيب كل إنسان وكافيه ، فمن علم أن الله كافيه لا يستوحش من إعراض الخلق عنه ، ثقة منه بأن الذى قسم له لا يفوته ، والذى لم يقسم له لا يصل إليه – وإن أقبل الناس عليه – ومن خاف من ظالم وتلاه وهو يقول : حسبى الله الحسيب (92) إثنين وتسعين مرة ، كفاه الله شره ، جاء أعرابى إلى الرسول صلى الله عليه ولم ، فقال : من يلى حساب الخلق يوم القيامة ؟ قال : الله تبارك وتعالى ، قال الأعرابى : هو بنفسه ؟ قال : نعم . فضحك الأعرابى فقال الرسول عليه الصلاة والسلام : ما أضحكك يا أعرابى ؟ قال : إن الكريم إذا قدر عفا ، وإذا حاسب سامح.
42- الجليل
هذا الإسم الشريف غير وارد فى القرآن الكريم ، غير أن الله تعالى يقول " ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام " ، ومعناه : العظيم عما لا يليق به ، الكامل فى الذات والصفات ، كاشف القلوب بأوصاف جلاله ، وكاشف الأسرار بنعوت جماله ، وكل ما فى العالم من جلال وكمال ، وحسن وبهاء من أنوار ذاته ، وآثار صفاته ، فإستشعر – أيها الذاكر – جلال الله ، يعل مقامك ، وتعظم منزلتك ، وفى الأسماء الإدريسية :" يا جليل المتكبر على كل شيئ فالعدل أمره والصدق وعده " أمسك القلم على ذكر الفوائد حتى لا يحصل الشك عند بعض القراء ، فمن داوم على ذكر الأسماء ينال العز والقبول والهناء ، وعلو المنزلة فى الدنيا والآخرة والله على ما تقول شهيد.
43- الكريم
قال تعالى :" يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم " ومعناه : الجميل ذاتا وصفة وفعلا ، كثير العطاء ، دائم الإحسان ، واسع الكرم سبحانه إذا قدر عفا ، وإذا وعد أوفى ، وإذا سئل أعطى وكفى ، لا يضيع من أقبل عليه ، ولا يترك من إلتجأ إليه ، قال بن عطاء : الكريم هو الذى لا تتخطاه الآمال ، وعلى ذاكر هذا الإسم ( الكريم ) أن يتوجه بجوارحه إلى الله تعالى وأن يقوم بقضاء مصالح الضعفاء والمساكين ، والحديث الشريف يقول : من أبلغ حاجة لا يستطيع إبلاغها أمنه الله يوم الفزع الأكبر ، ولو كان صبر الفقير زائدا لسعى الكريم إلى بابه ، ولو كان صبر الكريم زائدا لأتى الفقير إلى بابه ، ويناسبه من الأسماء الإدريسية السهروردية :" يا كريم العفو ذا العدل أنت الذى ملأ كل شيئ عدله " وخاصيته لكثير الذنوب ، أن من واظب على ذكره مع الإستغفار غفر الله ذنوبه ، وستر عيوبه – كائنة ما كانت – والله يكرم من يشاء
وقليل من الإستغفار مع التوبة يقبله الله ، وقد قيل : وحمل الزاد أقبح كل شيئ إذا كان القدوم على كريم
44- الرقيب
قال تعالى " إن الله كان عليكم رقيبا " ، ومعناه : يراقب عباده ويحصى أعمالهم ، ويحيط بمكنونات سرائرهم ، لا يغيب عن شيئ ، ولا يغيب عنه شيئ ، وخليق بك – إن تلوث هذا الإسم – أن تراقب الله فى كل شأن وفى كل حال ، لأنه يراقبك ويراك فى كل شان وفى كل حال ، وأن تغض بصرك عن محارم الله ، فمن كثرت لحظاته ، دامت حسراته ، وأن تكون رقيبا على كل من جعلك الله راعيا له ،متحليا بالصفات الحسنة ، والحلال الطيبة ، جعلنا الله ممن إلى طاعته يشتاقون ، وفى ذكر أسمائه يتواجدون ، كان أحد الشيوخ يخص أحد تلاميذه بمزيد العناية ، فقيل له ، ما سبب ذلك ؟ فقال الشيخ ، سأبين ذلك لكم...، وأعطى كل تلميذا طيرا ، وقال : إذبحه حييث لا يراك أحد ، ثم رجع كل منهم وقد ذبح طيره إلا هذا التلميذ ، فقد عاد بالطير حيا ، فقال له الشيخ : هلا ذبحته ؟ فقال : أمرتنى أن أذبحه حيث لا يرانى أحد ، ولم أجد موضعا لا يرانى الله فيه ، فقال الشيخ : لهذا السبب فضلته عليكم ، لأنه يعلم أن الله مشاهد له ورقيب عليه .
45- المجيب
قال تعالى : " إن ربى قريب مجيب " ، وقال " أمن يجيب المضطر إذا دعاه " وقال " وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان " فهو المجيب لمن دعاه ، يعلم فى غيب أزله حاجة المحتاجين قبل سؤالهم – سبحانه – يقابل الدعاء والسؤال بالقبول والنوال ، وإعلم أن الله ضمن لك الإجابة بما يعلم أنه خير لك فى الوقت الذى يريده ، لا الوقت الذى تريده ، فلا تجزع لتأخير الإجابة ، فربما كان التأخير خيرا لك ، وربما إختار الله أفضل وأولى مما تطلب ، فإدعه وأنت موقن بالإجابة ، والحديث الشريف يقول ( أدعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ) ، ورد أن شخصين أحدهما يحبه الله ، والآخر يبغضه ، فسألا الله حاجة ، فأوحى الله إلى الملك أن يقضى حاجة البغيض مسرعا ، حتى يكف عن الدعاء ، لأنه يبغض سماع صوته ، وقال الملك : توقف عن حاجة فلان ، لأنى أحب أن أسمع صوته ، ولو كشف الحجاب لفرج هذا وحزن هذا ، والواجب على ذاكر هذا الإسم أن يقضى حوائج الطالبين ، ليقضى الله حاجته ، ويلبى نداء المحتاجين ، ليستجيب الله دعواته ، وفى حديث عن بن عباس معناه : أتى سائا إمرأة ، وفى فمها لقمة ، فأخرجت اللقمة وناولتها للسائل ، فلم تلبث أن رزقت غلاما ، فلمل ترعرع دخل خباءها ذئب ، فإحتمل ولدها ، فخرجت تعدو فى أثر الذئب وهى تقول يارب... إبنى ...إبنى ، فأمر الله ملكا أن يلحق بالذئب ويأخذ الصبى من فيه ، ويقول لأمه : الله يقرئك السلام ، ويقول لك : هذه لقمة بلقمة ، ويوافق هذا الإسم فى الأسماء الإدريسية السهروردية :" يا قريب المجيب دون كل شيئ قربه " ، ويصلح ذكره لعقد السنة السوء من الحاقدين والحامدين ، فإنه من الأسماء السريعة الإجابة ، ولو كتبت لكل إسم فوائده لطال بنا المقام ، فإن هذا الكلام يفيدك دنيا واخرى ، لو أحسنت الإصغاء إليه ، لأن القدر لا يجهل حتى يعبد طريقه فى الحياة ، وبعد – فإن من الدعاء ترك الذنب فمن ترك الذنب أعطاه الله بلا ؤال.
46-الواسع
الواسع : هو الذى لا حدود لمدلول أسمائه وصفاته فهو تعالى : واسع العلم : " إن الله واسع عليم " واسع الرحمة " ورحمتى وسعت كل شيئ " واسع المغفرة " إن ربك واسع المغفرة " واسع الملك " وسع كرسيه السموات والأرض " ، سبحانه – لا نهاية لسلطاه ، ولا حد لإحسانه ، فلا يجد غناه ، ولا تنفذ عطاياه ، ولا يشغله معلوم عن معلوم ، ولا شأن عن شأن ، وسع بعلمه جميع المعلومات ، وبقدرته جميع المقدورات ، فهو واسع الرحمة ، والغنى والسلطان ، والعلم والقدرة والإحسان ، والواجب على ذاكر هذا الإسم أن يسع الناس بالجود ، فيقضى مصالحهم وبالخلق الطيب فيحسن معاملتهم ، جاء فى الأثر :" إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ، فسعوهم بأخلاقكم " وفى الأسماء الإدريسية :" يا كافى الموسع لما خلق من عطايا فضله " والموسع ليس من الأسماء ال99 ووضع هنا ، لأننا ذكرناه كثيرا فوجدناه أقرب إلى الإجابة ، وكم من ذاكرين أفادهم ذكره ، خصوصا فى توسيع الأرزاق ، وفتح أبواب الخير والسعادة ، والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم .
47- الحكيم
قال تعالى " وهو العزيز الحكيم " ومعناه : العادل فى التقدير ، المحسن ى التدبير ، ذو الحكمة البالغة ، الذى يضع كل شيئ موضعه، ولا يعرف كنه حكمته غيره ، سبحانه ، وخليق بذاكر هذا الإسم : أن يكون حكيما متقنا للأعمال والعبادات ، بعيدا عن مواطن الشبهات ، ومن أكثر من ذكره آتاه الله الحكمة وفصل الخطاب ، وعلمه دقائق العلوم ، وتفجرت ينابيع الحكمة على لسانه ، هذا الفضل لمن صفت قلوبهم ، وخلصت من شوائب الشرور نفوسهم ، قال تعالى " يؤتى الحكمة من يشاء ، ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا " ، قالوا : أن الشيخ أباالوفا البغدادى طلب منه أن يلقى فى الناس درسا – وهو أمى أعجمى – فإستمهل الناس إلى الغد ، ثم توجه بقلبه إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وقال : ياطيب القلوب ، يا فخر النبيين ، يطلبون منى درسا وأنا أمى ، فسمع من يقول الله يتجلى عليك بإسمه ( العليم ) ، فإلزم طريق السلف الصالح ، وقيد نفسك بالسنة والشريعة ، فقد قال بعضهم : لأن أبيت نائما ، وأصبح نادما ، وأصبح ، أحب إلى من أبيت قائما وأصبح معجبا ، ومن علق أمله بالناس فهو متعلق بالباطل ، ومن ذكر الله بالدعاء كرمه الله بالعطاء ، والله نسأل أن يلهمنا خير الدعاء ، وأن يعطينا خير العطاء.
48- الودود
قال تعالى " وهو الغفور الودود " ومعناه : كثير الود لعباده ، للتحبب إلى الطائعين بمعرفته ، وإلى المذنبين بمغفرته ، وإلى الخلق برزقه وكفايته ، واللائق بذاكر هذا الإسم : أن يحب الخير لجميع الخلق ، فيحب للعاصى التوبة ، وللصالح الثبات فى تقواه ، وأن يكون ودودا لعباد الله ، فيعفو عمن أساء إليه ، وأن يكون لين الجانب لجميع ، ولا سيما اهله وعشيرته ، قال عليه الصلاة والسلام للإمام على كرم الله وجهه :" إن أردت أن تسبق المقربين فصل من حرمك ، وإعف عمن ظلمك " وجاء فى الحديث الشريف :" نظر الرجل لأخيه على شوق خير من أعكاف سنة فى مسجدى هذا ".
49-المجيد
قال تعالى :" ذو العرش المجيد * فعال لما يريد " ومعناه الذى إنفرد بالشرف الكامل ، والملك الواسع منذ الأزل ، ويصلح ذكره لمن ولاه شئون خلقه بلأن يقول :" الله ذو العرش المجيد فعال لما يريده " مائة وإحدى وسبعين مرة قبل طلوع شمس كل يوم ، فإنه يرى من عجائب صنع الله مابه يتسع نفوذه ، ويقوى سلطانه ، ويوفقه الله لصالح العباد والبلاد ، ومن ولى من أمر الناس شيئا فإحتجب عن أولى الضعف والحاجه إحتجب الله عنه يوم القيامة ، فإسهر بالصلاة والعبادة ، لئلا تمر أيامك فى غفلة ، وحتى لا يجد الشيطان مكانا عندك للخديعة والوسوسة ، ومن ذكر الله بإخلاص ، ذكره ربه بالخلاص ، والله ولى الهداية والتوفيق.
50- الباعث
ومعناه : باعث الرسل بالأحكام :" فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وباعث الموتى بالقيام :" ثم بعثناكم من بعد موتكم " ، وباعث النيام بيقظة الأجسام :" وهو الذى يتوفاكم بالليل ويعلم ماجرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه " – سبحانه – يبعث من فى القبور، ويحصل ما فى الصدور ، فمن قرأه عند النوم بطريق المناجاه ، بأن يقول ( يا الله يا باعث ) مائة مرة ، واضعا يده على صدره ، ملأ الله بنور المعرفة قلبه ، وغمر بفيض اليقين نفسه ، وإعلم أن أكثر الناس ذنوبا أكثرهم كلاما ، فدع الناس ، تجد رب الناس ، ولا راحة لنا عند غير الله ، فإفهم ، تسعد وترشد.
51- الشهيد
ومعناه الحاضر الذى لا يغيب عن شيئ ، ولا يغيب عنه شيئ فى ملكه " أو لم يكف بربك أنه على كل شيئ شهيد " ، يشهد على خلقه ، ويفصل بينهم بعدله :" قل أى شيئ أكبر شهادة * قل : الله شهيد بينى وبينكم " ، وعلى ذاكر هذا الإسم أن يوقن أن الله شهيد عليه فى القصد والعمل ، فمن راقب ذلك رزقه الله صفاء القلب ، وغمره بأنوار المشاهدة ، ومن خصائص هذا الإسم الشريف أن من وقع فى تهمة باطلة وأراد الخلاص منها ، وذكر الإسم بطريق المناجاة ، بان يقول :" يا الله يا شهيد " ، ثلاثمائة وتسع عشرة مرة فى جوف الليل ، تجاه الله ، ووقاه شر ماإتهم به حكى أن رجلا كان يضرب بالسياط ، وهو بصير ولا يظهر الجزع ، فقيل له : أما تجد الألم ؟ فعلى لا تصيح ؟ فقال : إنما أضرب لأجل محبوبى ، وهو حاضر شاهد ، إنظر إلى ، عالم بأنى أضرب لأجله ، فسهل ذلك على بسبب نظره إلى قيل : من يشكو إلى غير الله تعالى مصيبة نزلت به ، لم يجدللعبادة حلاوة حتى يتوب إلى الله تعالى ، والمسلم من فوض أموره إلى مشيئته الله
52- الحق
قال تعالى :" فتعالى الله الملك الحق " وقال :" فذلكم الله ربكم الحق " ومعناه : المستحق العبادة أ الثابت الذى لا يزول ، المتحقق وجوده أزلا وأبدا : واجب الوجود لذاته ، ولا وجود للوجود إلا به ، " ذلك الله هو الحق " ، ومن أكثر من ذكره أقامه الله على الحق ، وباعد بيته وبين الباطل ، لأن النفس إذا إنحرفت ثقل عليها الحق وإتباعه ، وطاب لها الشيطان وأتباعه ، ومن ذكر :" لا إله إلا الله الملك الحق المبين " يوميا مائة مرة أغناه الله من حيث لا يحتسب ، والأحاديث النبوية فى ذلك كثيرة ، وهو من أسرع الأسماء إجابة لمن صفت بالذكر أرواحهم ، وحسنت بالطاعة أخلاقهم ، فإختلس من أوقات عمرك وقتا تناجى فيه ربك ، وإن ضاق وقتك فالذنب ذنبك ، وإعلم أن الدنيا حلالها حساب ، وحرامها عقاب ،" وإتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ".
53- الوكيل
قال تعالى " وكفى بالله وكيلا " وقال " حسبنا الله ونعم الوكيل " ومعناه : المتولى بإحسانه أمور عباده ، الموكول إليه كل أمر ، الكفيل بالخلق ، فمن توكل عليه تولاه ، وجدير بذاكر هذا الإسم أن يقوم بشئون أخيه المؤمن ، وأن يرعى كل ما يوكل إليه من أمور الناس بهمة وإخلاص ، قال تعالى " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض " والحديث الشريف يقول :" والله فى عون العبد ما دام العبد فى عون أخيه " وأسأل الله العفو والعافية فى الدين والدنيا والآخرة ، وأن يقيك شر الناس ويقيهم شرك ، وإعلم أن لغة المتضرعين إلى الله هى الدموع ، فإبك له ، وإشغل روحك بحلاوة ذكره ، ورضى الله عمن قال فى دعائه : اللهم إن قوما سألوك أن تسخر لهم الخلق فسخرت الخلق لهم ، وطلبوا منك الملك والملكوت فأعطيتهم ، أما أنا فأسألك إعوجاج الخلق على ، حتى لا يكون لى ملجأ سواك ، ماذا عليهم لو طلبوك ، فإن من وجدك فقد وجد كل شيئ ، يقول ذلك ، فرارا من الخلق إلى الحق.
54- القوى
قال تعالى " إن الله لقوى عزيز " ومعناه : الذى له كمال القدرة والعظمة ، غالب لا يغلب ، يحير ولا يحار عليه ، فمن عرف أن اللههو القوى رجع إلى حول الله وقوته فى كل شيئ، وعلى ذاكر هذا الإسم : أن يكون قوى الإيمان والثقة بالله ، مستشعرا أن قوة الخالق فوق كل قوة ، باذلا كل ما منحه الله من قوة لخدمة الناس ونفعهم ، فإنه بذلك يخدم نفسه ومجتمعه ويرضى ضميره وربه ، ويصلح ذكره وردا لما إعتراه ضعف فى جسد ، أو فتورا فى عبادته ، أو تقصير فى عمله ، ومن واظب عليه بعد صلاة صبح كل يوم مائة مرة ، بلغ بمشيئة الله ما يتمناه فى دنياه وأخراه .
55- المتين
قال تعالى :" إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين " ، ومعناه الكامل القوة ، الذى بلغت قدرته أقصى الغايات – سبحانه – لا يعجزه شيئ فى الأرض ولا فى السماء ولا مؤثر فى الموجودات غيره ، فعليك أيها الذاك برياضة نفسك وطهارة قلبك ، وإذكره مع إسمه القوى :" يا قوى يا متبن " ترزق اليقين الصادق ، والأصل فى كل شيئ سلامة النية ، وحسن الإعتقاد
56-الولى
قال تعالى :" والله ولى المتقين " وقال :" وهو الولى الحميد " ، ومعناه المتولى أمر عباده بالحفظ والتدبير ، ينصر أولياءه ، ويقهر أعداءه ، يتخذ المؤمن وليا فيتولاه – سبحانه – بعنايته ، ويحفظه برعايته ، ويختصه برحمته / وعلى ذاكر هذا الإسم : أن يكون وليا لله ، وأن يكون وليا للناس ، يرعى مصالحهم ، ويتولى قضاء شئونهم ، قدر طاقته ، وفى الأثر :" من لم يحمل هم المسلمين ، فليس منهم ، فمن كان وليا لله تولاه الله ، ومن أعرض عن الله تولاه الشيطان ، " الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور * والذين كفروا أولياؤهم الطاغوث يخرجهم من الظلمات إلى النور " ، ولتكن أيها القائ – من طلاب الإستقامة ، لا من طلاب الكرامة ، فربما رزق الكرامة من لم تكل له الإستقامة ، ومن القول المأثور الإستقامة خير من ألف كرامة .
57-الحميد
قال تعالى :" إنه حميد مجيد " ومعناه : المحمود على كل حال ، المستحق الحمد ، الحميد بحمده لنفسه أزلا ، ويحمد عباده له أبدا ، فالحميد المطلق هو الله وحده ، مع ٍمه ( الولى ) بأن يقول : " يا ولى يا حميد " بدون عدد أغناه الله عن الخلق وقت الشدائد والإبتلاء، فإنه لا راحة لنا عند غير الله ، وفى الأسماع الإدريسية السهروردية ، : يا حميد الفعال ذا المن على جميع خلقه بلطفه " ويقرأ بفتح فاء " الفعال " فمن داوم على تلاوته – بفتح الفاء مدة طويلة – توجهت إليه الدنيا بالخير والنوال – ولا يصح ترك الإسم بعد ذكره وتسمى " الدعوة المحمدية " والقليل فى الكتابة يغنى عن الكثير من الكلام.
58- المحصى
قال تعالى ".... وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيئ عددا " ، ومعناه : المحيط بكل موجود جملة وتفصيل ، ولا تخفى عليه خافية فى الأرض ولا فى السماء ، بالظاهر بصير وبالسرائا خبير ، سئل الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه : كيف يحاسب الله الخلقة والخلق كثير ؟ قال : كما يرزقهم وهم كثير ، قيل له : كيف يحاسبهم وعهم لا يرونه ؟ قال : كما يرزقهم وهم لا يرونه ، واللائق بذاكر هذا الإسم : أن يحاسب نفسه ، ويراقب الله فى أقواله وأفهعاله ، وإقرأ معى هذا الحديث الشريف :" إذا أتى على يوم لا إزداد فيه عملا يقربنى إلى الله فلا بورك فى طلوع شمس هذا اليوم " ، ومن حسنت رعايته دامت ولايته.
59- المبدئ
قال تعالى :" وهو الذى يبدأ الخلق ثم يعيده " وقال :" وأنه هو يبدئ ويعيد " ، ومعناه : منشئ الأكوان وموجدها من العدم على غير مثال ، واللائف بذاكر هذا السم : أن يبدأ عمله بإسم الله المبدئ لكل شيئ ، الموفق لكل خير ، مع دوام اليقظة وقت الدعاء ، وفى الأسمائ الإدريسية السهروردية " يا مبدئ البرايا ومعيدها بعد نائها بقدرته "، من داوم على ذكره زالت حيرته ، وإهتدى لما فيه صلاحه ، ولا داعى للتعليق والشرح فإنها أسماء عظيمة ، وتوضيح الواضح تعب وإشكال.
60- المعيد
قال تعالى :" وهو الذى يبدأ الخلق ثم يعيده " وقال :" كما بدأنا أول خلق نعيده "، ومعناه : موجد الأشياء من العدم ، ومعيدها بعد فنائها ، كلها منه بدأت ، وإليه تعود ، ومن كان ناسيا فليذكر هذا الإسم مرارا ، لا سيما إن أضيف إليه المبدئ ، فيقول:" يا مبدئ يا معيد ذكرنى ما نسيت " ومن ذكره ألفا زالت حيرته ، وإهتدى لما فيه صلاحه ، وعلى ذاكر الإسم أن يعلم أن الله خلقه ولم يك شيئا ، ثم جعل مهايته ونهاية كل شيئ إليه سبحانه ، وفى الأسماء الإدريسية السهروردية :" ( يا معيد ما أقناه إذا برز الخلائق لدعوته من مخافه " ، ما أحسن ذكره لمن تعتريهم الهموم والكروب والأحزان ، فما يلبثون حتى تسبقهم الإجابة بالفرج وشرح الصدر ، بإذن الله تعالى ، ولعل من فوائد الإسمين :" المبدئ المعيد معا : أن يفكر العبد من أين أتى ؟ وكيف بدأ؟ وإلى أين يسير ؟ وكيف ينتهى؟ وأن يستشعر ذلك فى كل شأن ، وعلى كل حال .
61- المحيي
قال تعالى :" الذى خلق الموت والحياة " ومعناه : خالق الحياة فى كل شيئ ، يحيي الخلق من العدم ، ثم يحييهم بعد الموت يوم القيامة ، " هو الذى يحييكم ثم يميتكم " ، " وكنت أموات فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم " ، ويحيي الأرض بإنزال الغيث :" فإنظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها " ، ويحيي قلوب العارفين بأنوار معرفته ، ويحيي أرواحهم بلطفف مشاهدته ، فأكثر من ذكره ، حتى يحيي الله قلبك بنور المعرفة ، ويضئنفسك بأسرار المكاشفة ، ومن خالفته نفسه فليقرأه فى جوف الليل ، - قدر طاقته – فإن نفسه تنقاد إليه بإذن الله ، ولا تبتئس إذا لم تنل غايتك ، حيث لا يوجد إنسان من غير شدة ، وضيق..... مهما ملك الدنيا ، وإنقاد له أهلها.
62-المميت
قال تعالى :" الله يتوفى الأنفس بعد موتها "، وقال :" والذى يميتنى ثم يحيين " ، ومعناه : مقدر الموت على كل من أماته ، فلا محييى غيره ولا مميت سواه ، سبحانه قهر عباده بالموت ، فكم من رؤوس متوجه وغير متوجه عاشت فوق الأرض فترة من الزمان ثم قهرها الموت ، فعادت إلى الأرض ، وطواها التراب ، اللهم أحيى قلبى بذكرك وطاعتك ، وغملأ نفسى بحبك وهدايتك ، وأمتنى على الإيمان واليقين ، وأدخلنى برحمتك فى عبادك الصالحين.
63- الحى
قال تعالى :" الله لا إلا هو الحى القيوم " ، وقال " وتوكل على الحى الذى لا يموت " ، ومعناه :" دائم الحياة الذى له البقاء المطلق ، وكما لم يسبق وجود عدم ، لا يلحق بقاءه فناء ، سبحانه ، لا تأخذه سنة ولا نوم ، وله – وحده- الدوام والبقاء، والمداومة علىذكر هذا الإسم تورث الشفاء من الأمراض الباطنه والظاهرة وتهب الذاكرين الحياة السعيدة الفاضلة ، وفى الأسماء الإدريسية السهروردية :" ياحي حين لا حى فى ديمومة ملكه وبقاءه " ، وخاصيته لإحياء القلوب ، ولمن طال مرضه وعجز الطب عن علاجه ، يقرؤه وردا خمسمائة مرة قبل طلوع الشمس ، والله قادر ، ولا مستحيل عنده سبحانه وتعالى ، وإرفع رأسك من النعاس ، تجد الشفاء والخلاص.
64- القيوم
قال تعالى :" وعنت الوجوه للحى القيوم "، ومعنى القيوم : البالغ النهاية فى القيام بتدبير ملكه ، القائم بذاته على الإطلاق ، الغنى عن غيره ، الميتند إليه كل ما سواه من الموجودات ، فهو قائم بنفسه ، سبب وقوام لكل ما عداه ، ولهذا بولغ فى وصفه بالقيام ، فقيل :" قيزم " سبحانه " قائم بذاته ، مقوم لسواه ، متغن عن غيره ، ولا غنى لغيره عنه ، إذ لا قوام للأشياء إلا به ، فهو موجدها ومقومها وقائم عليها ، ومؤثر فيها ، له صفات التقديس والكمال ، ونعوت السمو والجلال ، جاء فى الرسالة القشيرية :" عن أبى على الكنانى رضى الله عنه قال : رأيت رسول الله عليه الصلاة والسلام فى المنام فقلت : يا رسول الله ، إدع الله ألا يميت قلبى ، فقال : إذا أردت أن يحيا قلبكفلا يموت أبدا ، فقل فى كل يوم أربعين مرة ، بين سنة الفجر والفرض: " يا حلا يا قيوم لا إله إلا أنت " ، وعن على كرم الله وجهه ، لما كان يوم بدر ، قاتلت ، ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنظر ماذ يصنع ، فإذا هو ساجد يقول : " يا حى يا قيوم " لا يزيد عليه شيئا ، ثم رجعت إلى القتال ، ثم جئت وهو يقول ذلك ، فلا أزال أذهب وأرجع وأنظره ، لا يزيد على ذلك ، إى أن فتح الله علينا النصر ، ومن ذكره مع " الحى" بأن يقول :" ياحى يا قيوم برحمتك أستغيث " من الفجر إلى طلوع الشمس ، بعث الله فى نفسه النشاط ، وجنبه الخمول والكسل ، وفتح له باب الفهم والحفظ والعلم والعمل ، وقد إطلعت فى بعض الاسفار أن " الحى القيوم " من أذكار إسرافيل عليه السلام ، وفى الأسماء الإدريسية السهروردية :" يا قيوم فلا يفوته شيئ من علمه ولا يئوده حفظه " ، وهذا الإسم لا يواظب عليه إلا كمل الرجال الأبطال الذين لا ترد كلمتهم بين الناس ، وإعلم أن الكلام ألفاظ وراءها معان وأسرار ، فلا تقف عند ظاهر اللفظ وإطلب ما وراء ذلك من مشاهدات وأذواق وأنوار ، ومن صان الأسرار صانته.
65- الواجد
هذا الإسم غير وارد فى القرآن الكريم ، ولكنه مجمع عليه ، ومعناه : الغنى الواجد كل ما يشاء ويطلب ، المدرك كل ما يريد ، القادر على تنفيذ مراده ، سبحانه : يعلم كل شيئ ،و يقدر على كل شيئ ، ولا يفوته مراد ، ولا يستعصى عليه مطلوب ، رفيع القدر ، عظيم الشرف ، كامل القدرة ، واسع الجود والعطاء ، من ذكره حتى يغلبه النوم نور الله قلبه وبصيرته ، فيا سيدى الذاكر : إدفع خواطر السوء بدوام الإستغفار والطاعة ، فلا يرى أسرار الوجود إلا أهل الشهود ، جعلنا الله وإياك ممن تذكروا فإذا هم مبصرون.
66- الماجد
وهذا الإسم لم يرد فى القرآن أيضا ، وهو بمعنى المجيد ، الذى بلغت ذاته غاية الشرف والمجد والكمال ، وسمت مكانته إلى نهاية العظمة والجمال ، قال أبو سليمان الخطابى : يحتمل إعادة هذا الإسم – الماجد – بعد تقدم – المجيد – لتأكيد معنى – الواجد - ، فالواجد هو الغنى ، والماجد هو االمغنى ، فهو – مع كمال قدرته – كثير الجود واسع الرحمة ، عظيم الإحسان .، فمن عرف أن الماجد سمت همته إليه ، وإعتمد فى كل أموره عليه ، ومن تعلق أمله بالناس فمه متعلق بالباطل ، وإن صحت البدية ففى هذه الكفاية.
67- الواحد
قال تعالى :" وهو الواحد القهار "، وقال :" وإلهكم إله واح "، ومعناه : المتفرد فى ذاته وصفاته وأفعاله ، سمع النبى صلى الله عليه وسلم رجلا يقول فى دعائه :" اللهم إنى أسألك بأنك أنت الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذى لم يلد ولم يود ، ولم يكن له كفوا أحد " ، فقال :" لقد سأل الله بإسمه الأعم ، الذى إذا دعى به أجاب ، وإذا سئل به أعطى "، فقد علم آدم الاسماء بلا واسطة ، وفهم سليمان لغة الطير ومنطقه ، فمن ذكره ألف مرة وأخرج الله من قلبه خوف الخلق وكفاه شرهم وقت الشدة ، وفى الأسماء الإدريسية السهروردية :" يا واحد الباقى أول كل شيئ وىخره " وذكر هذا الإسم نافع لدفع اافكار الباطلة النفسية ، والوساوس الرديئة الشيطانية ، عند هذا الإسم " الواحد " أقف عن الكلام ، فكرر تلاوته ، وليكن فكرك فى ربك ، وإطلب بدعائك الله تجد الله يعطيك شبعا بلا خبز ،وشفاء بلا دواء ، فهو يعطى بلا سبب ولا واسطة ، ما من سر إلا فوقه أسرار.
68- الصمد
قال تعالى :" الله الصمد " ومعناه : السيد الذى يصمد إليه ، أى يقصد فى جميع الحوائج والرغائب ، ويستغاث به فى الشدائد ، الذى يحتاج إليه كل أحد وهو – سبحانه – مستغن عن كل أحد وعلى ذاكر هذا الإسم : ألا يقصد بحوائجه غير الله ، وألا يعول إلا عليه ، فن الله غيور لا يحب أن يشكو عبده بلواه إلى أحد سواه ، وعلى الذاكر أن يتخلق به فيكون مقصودا للناس فى الخير ، معينا لهم على قضاء مصالحهم ، وفى الحديث الشريف :" أحب الناس إلى أنفسهم لعباده " ، وأذكر – مرة أخرى – أصحاب النفوذ والكلمة المسموعة بقول النبى عليه الصلاة والسلام :" من أبلغ حاجة من لا يستطيع إبلاغها أمنه الله يوم الفزع الأكبر " – يوم القيامة –كما أذكرمن لا يستجيبون لهذا الرجاء الهام بقول النبى عليه الصلاة والسلام :" من إحتجب عن أولى الضعف والحاجة إحتجب الله عنه يوم القيامة "، وفى الأسماء الإدريسية السهروردية :" ياصمد من غير شبه فلا شيئ كمثله "، وخاصيته لمن دفع الخصال الذميمة ، والتوبة من المعاصى كالخمر وغيرها ، فليصم يوم الخميس مع مداومة تلاوته يوم صيامه ، يصلح الله حاله بعد فساده ، ومن إبتلى بحب النساء فى الحرام يتلوه خمسمائة مرة يوميا لمدة أسبوعين ، ويكرر تلاوته حتى يتوب الله عليه .
69- القادر
قال تعالى :" قل هو القادر على أن يبعث عليككم عذابا .... الآية " ، ومعناه : ذو القدرة التامة ، الذى لا يعجزه شيئ ، ولا يتقيد بأسباب ، وقال تعالى :" فقدرنا فنعم القادرون " ، وقال تعالى :" إنا كل شيئ خلقناه بقدر" ، ومعناه : القدر لقضائه ، المدبر شئون الكون بقدر وحكمة ، وعلى الذاكر أن يستشعر حال ذكره هذا السم قدرة الله وتقديره ، وحكمته وتدبيره ، إنتظارا لمل يتعاقب على نفسه من مواجيد وأذواق ، ولمل يفتح الله عليه من مكاشفات ومشاهدات ، والأجر بقدر التعب.
70- المقتدر
قال تعالى :" وكان الله على كل شيئ مقتدرا " ، ومعناه : عظيم القدرة المسيطر بقدرته البالغة على خلقه ، المتمكن بلطانه من ملكه ، قدر فكان الوجود مظهر إقتداره ، فهو – سبحانه – القادر المقتدر ، عظيم القدرة ، ويصح ذكر " القدر المقتدر " معا ، فمن ذكرهما عند اليقظة من النوم وكان حائرا فى أمر من الأمور دبر الله له مايريد ، حتى لا يحتاج إلى تدبير ، وشاهد أنوار الحقيقة فى بساتين المعانى ، وإستشف بثاقب فكره ماوراء ذلك من فيوضات الأسماء وتجليات الصفات ، والله المتعان.
71- المقدم
ومعناه : الذى يقدم بعض الأشياء على بعض فى الوجود لتقديم الأسباب على مسبباتها .... فيقدم لعباده ما يحتاجون إليه ، على الوجه الذى يحقق صلاح أمورهم ، كما تقتضيه حكمته الأزليه وهو – سبحانه – يقدم الزمان على الزمان ، والمكان على المكان والحركة على الحركة ، ويقدم من شاء من عباده بالعلم والطاعة والتقوى والإثابة والشرف والإتجابة :" ورفع بعضكم فوق بعض درجات ، وقيل المقدم هو الذى قدم الأصفياء بخدمته ، وعصمهم من معصيته ، وحظ الذاكر من هذا الإسم : أن يقدم الأهم فالمهم من شئون دنياه ، وألا يؤخر شيئا من أمور أخراه ، وتذكر دائما أن الروح تميل للطاعات لأن مصدرها من عالم الأشياء ، والنفس البشرية تميل للشهوات ، لأنها خلقت من الطين والماء ، والدنيا جيفة ، فمن أرادها صبر على مزاحمة الكلاب والاسود لا تقع على الجيف أبدا ... فهل من مدكر؟
72-المؤخر
ومعناه : الذى يؤخر إيجاد بعض الأشياء عن بعض بمشيئته ، ويؤخر من شاء من عباده فى الشرف والرتبة ، والقرب والحب ، والتقوى والطاعة ، والعلم والهداية – سبحانه – يقدم ويؤخر ما شاء ومن شاء ، على مقتضى حكمته ، ولا يقع شيئ فى ملكه إلا وفق إرادته ، فعليك بالزهد فى الدنيا ، والرغبة فى الآخرة ، فإن وفقت فى ذلك ظفرت بكنز عظيم ، زادنا الله من لدنه فهما وعلما وحكمة .
73- الأول
قال تعالى " هو الأول والآخر " ومعناه : الأول بلا إبتداء ، الموجود بذاته قبل وجود مخلوقاته ، وكان أولا لأنه كان موجودا ولا شيئ معه ، روى أن أعرابيا سأل الرسول عليه الصلاة والسلام : أين كان الله قبل الخلق ؟ قال : كان الله ولا شيئ معه ، فقال الأعرابى : والآن ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : وهو الآن على ما كان عليه ، فعليك أيها الذاكر بالأناة والمثابرة ، مع الهمة والإعتقاد ، وطهارة الجسد والمكان جعلنا الله ممن على ذكره يداومون ، وإلى رحاب فضله يشتاقون ، وفى رياض أنسه يتواجدون.
74-الآخر
ومعناه : الباقى وحده بلا إنتهاء ، سبحانه لايجوز عليه الفناء ، وهو الآخر لأنه يفنى خلقه ، ويبقى بعد فنائهم ، ثم يبعثهم بعد ذلك " ليجزى الله الذين أساءوا بماعملوا ، ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى " ، وقد أجاز بعض الشيوخ : كالرازى والغزالى ذكر " الأول والآخر " معا فتقول :" يا أول يا آخر".
75- الظاهر
قال تعالى " هو الأول والآخر والظاهر والباطن " ومعناه : الظاهر بالقدرة على كل شيئ ، والظاهر لكل شيئ بالأدلة العقلية والكونية ، فقد خلق الله كل الكائنات والموجودات لتظهر آثار قدرته فيها ، وهو – سبحانه – ظاهر عليها من جميع الجهات :" فأينما تولوا فثم وجه الله " ، فالكون كله بما فيه ومن فيه مظهر من مظاهر أسمائه وصفاته ، فإن وراء ظواهر الأشياء بواطن تحمل أسرارا دقيقة ، وحكما خفية عميقة ، لا يدرك كنهها العقل البشرى ولا يصل إليها الفكر الإنسانى ، فإن هذا العالم من أعلى الفلك المحيط الأعلى إلى منتهى مركز الأرض السفلى وحده ... لها جسم واحد ترى فيها نفس واحدة ، وجوهر واحد وما هذه الأجسام إلا مظاهر للقوة العليا تتستر وراءها الروح أو النفس التى هى السر الإلهى فى الإنسان والكون ، ومحاولة الكشف عن الأسرار لا يمكن لأننا جزء من هذه القوة العليا ، وقد منحنا الله عقولا هى نفحة من ضنائن أسراره ، وقلوبا هى قب من فيض أضوائه ، والله غنها لهمهمة ترتجف عنده القلوب ، وقدرة تحتار أمام عظمتها البصائر والعقول ، قال تعالى " ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة".
76- الباطن
ومعناه : المتحجب من عيون خلقه لشدة ظهوره، والباطن بكنه ذاته عن إدراك العقول والأفهام ، فهو جل شأنه قوة قدسية باطنة من وراء هذا الكون الرهيب العجيب ، سبحانه الظاهر بالقدرة على كل شيئ الباطن العالم بحقيقة كل شيء، لكل شيء بالدلائل اليقينية ، الباطن عن المظاهر الحسية والمعنوية ، فسبحان من إحتجب عن الخلق بنوره وخفى عليهم يشدة ظهوره ، ويرى بعض الشيوخ ذكر " الأول والآخر والظاهر والباطن " كلها مجتمعه بأن تقول " ياأول ، يآخر ، ياظاهر ، يا باطن " ، فتوجه إلى الله بالروح والقلب كالعطشان عندما يسمع صوت الماء وحرام على الإنسان أن يتوجه لغير الله وإقرأ قوله " إنى وجهت وجهى للذى فطر السموات والأرض حنيفا .... " ومن واصل السير... وصل .
77- الولى
قال تعالى :" وما لهم به من وال "، وعناه : المتولى أمور خلقه بالتدبير والقدرة والفعل ، فهو – سبحانه – المالك للأشياء ، المتكفل بها ، القائم عليها بالإدامة والغبقاء ، المنفرد بتدبيرها ، المتصرف بمشيئته فيخا ، ينفذ فيها أمره ، ويجرى عليها حكمه فلا والى للأمور سواه ، قال تعالى : " إن ولي الله الذى نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين "ويويصلح ذكره للولاة والمستخلفين فى شئون العباد ، ومن أكثر من ذكره على وضوء وطهارة كان عند الله مقربا مجابا ، وعند الناس مطاعا مهابا ، وإعرف قدر ما وصل إليك ، وإعلم أن الدنيا اعة فإجعلها طاعة.
78-المتعالى
قال تعالى :" عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال " ومعناه : المستعلى على كل شيئ بقدرته ، العلى الكامل فى العلو والعظمة ، البالغ الغاية فى الرفعة والكبرياء ، فى ذاته وصفاته وأفعاله ، ويصلح ذكره للمستضعفين فيرتفع ذكرهم ويعلو شأنهم ، وفى الاسماء الإدريسية السهروردية :" يا قريب المجيب المتعالى فوق كل شيئ علو إرتفاعه "، وقد ذكر فى صحيفة الأسماء الإدريسية بدون إسم المجيب ، وتلك رواية غير التى ذكرناها الآن .
79- البر
قال تعالى :" إنه هو البر الرحيم "، ومعناه : واسع الإحسان صادق الوعد ، عظيم الجود لعباده فهو سبحانه واسع البر يمن بعطائه على عباده فى الدنيا والآخرة ، ولا يقطع الإحسان بسبب العصيان ، وخليق بذاكر هذا الإسم : أن يكثر من اعمال البر ، وأن يكون بارا بنفسه بقهر شهواتها بارا بخلق الله بالإحسان إليهم ، لأن البخل والجبن غريزة واحدة يجمعهما سوء الظن بالله ، قال عليه الصلاة والسلام :" البر لا يبلى ، والذنب لا ينسى ، والديان لا ينام ، كما تدين تدان " لأن الإسلام بر ورحمة ومروءة وعطف وحنان ، روى أن موى عليه السلام لما كلمه ربه رأى رجلا قاعدا عند ساق العرش ، فتعجب من علو مكانه فقال : يارب... بم بلغ هذا العبد هذه المنزلة ؟ فقال عز وجل : " إنه كان لا يحسد عبدا من عبادى ، وكان بارا بوالديه " ، طرق سائل باب نبى الله إبراهيم عليه السلام ، يلتمس طعاما ، ولما كان السائل على غير حين إبراهيم لم يعطه شيئا ...وإنصرف الرجل ، وهنا أوحى الله إلى إبراهيم : إنى أرزق هذا سبعين عاما وهو لا يؤمن بى ، فأسرع إبراهيم إلى الرجل معتذرا وقدم له ما يريد وقال له :" إن الله عاتبنى بسببك ، فتأثر الرجل من كرم الله وبره بعباده ، وكان هذا سبب فى إيمانه بإبراهيم وربه ، وهكذا يكون أهل الذكر أغناهم حب الله عن كل شيئ حتى أنفسهم لأنهم أحبوا الله فأحبوا كل شيئ ، وفى الأسماء الإدريية السهروردية :" يابار فلا شيئ كفوه يدانيه ، ولا إمكان لوصفه ، وخاصيته للقبول وعلو المرتبة والمنزلة والله ولى التوفيق ، ويصلح ذكره لمن عاداه الناس ولم تجد خلاصا من عداوتهم يهرع إلى الله بهذا الإسم ، ويذكره عند طلوع الشمس وعند الغروب حسب طاقته ويداوم على ذلك حتى تجاب دعوته ، ومهما إستعصت الأمور فليس عند الله مستعص ولا متحيل ، هدانا الله سواء السبيل.
80-التواب
قال تعالى :" إنه هو التواب الرحيم "، ومعناه : المهيئ أسباب التوبة لعباده ، الذى يحذرهم مرة ويمهلمهم أخرى فيرجعون غليه ويتوبون ، سبحانه : يعود بأصناف الإحان على عباده فيوفقهم بعد خذلان ويعطيهم بعد حرمان ويخفف عنهم بعد تشديد وبعفو عنهم بعد وعيد "وهو الذى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن اليئات ، فهو جلشأنه تواب : أى يوفق عباده للتوبة المقبولة تفضلا منه وتعطفا وإحسانا فإذا صدقت نية العبد فى الرجوع إلى الله وفقه للتوبة النصوح ومعناها : العزم الصادق على ترك المعاصى والندم عليها ، وهناك توبة الخواص وهى التوبة من الغفلة عن ذكر الله عزوجل ، فعلى الذاكر أن يخلص النية فى العودة إلى الله والإقبال عليه ، ويصلح ذكره للعاصى والقاصر حتى يتوب الله عليه بأن يقول أتغفر الله العظيم التواب الرحيم فقد ورد فى الاثر ما معناه " بينما الرول عليه الصلاة والسلام جالسا مع الصحابة ، إذ قط من السقف طائر وفى فمه قطعة طين وصاح صيحة عظيمة فإبتسم النبى عليه الصلاة والسلام وقال : الطائر يقول : كما أنى لا أكدر بهذه القطعة البحر ، كذلك ذنوب أمتك لا تغير وجه الله.
81- المنتقم
قال تعالى :" إن الله عزيز ذو إنتقام " ومعناه : الذى يقصم ظهور الطغاة ويشدد العقوبة على العصاة ، " إنا من المجرمين منتقمون " ، والإنتقام غاية النكال ، فهو أشد من العقوبة العجلة التى لا تمكن صاحبها من الإمعان فى المعصية ، :" فلما آسفونا إنتقمنا منهم " " ومن عاد فينتقم الله منه " ، وإعلم أيها الذاكر : أن الله كما ينتقم لك إذا ظلمت فإنه ينتقم منك إذا ظلمت ، فقد ورد أن الحق يقول :" إشتد غضبى على من ظلم من لا يجد له ناصرا غيرى " وجاء فى الأثر " إذا دعا العبد على ظالمه قال الله تعالى : عبدى أنت تدعو على من ظلمك ومن ظلمته يدعو عليك فإن أردت أن أستجيب لك إستجبت عليك " وفى هذا المعنى يقول عمر بن عبد العزيز " إذا أمكنك القدرة على المخلوق فإذكر قدرة الله عليك ، وإعلم أن مالك عند الله أكثر مما لك عند الناس " ، وهذا الإم المنتقم من الأسماء القهرية التى هى من أذكار ملائكة القهر والعذاب
82- العفو
قال تعالى " وكان الله عفوا غفورا " وقال " إن الله غفور رحيم " ، ومعناه : الذى يمحو الذنوب والسيئات ويبدلها إن شاء الله حسنات ، والعفو أبلغ من الغفران لأن المغفرة ستر للذنوب ، والعفو محو وإحسان وذلك من فضل الله وسعة رحمته ، وجدير بذاكر هذا الإسم أن يمحو من فلبه إساءة المسيئ ، وأن يحسن إلى من أساء إليه ، فإن إدخال السرور على قلب المؤمن من أفضل العبادات ، روى عن عمر بن عبد الخطاب رضى الله عنه أنه قال : بينما النبى عليه الصلاة والسلام جالس إذ ضحك حتى بدث ثناياه ، فقال عمر : بأبى أنت وأمى يا رول الله ما الذى أضحكك ؟ قال : رجلان من أمتى بين يدى رب العزة فقال أحدهما : يارب ، خذ لى مظلمتى من هذا فقال الله عز وجل : رد على أخيك مظلمته ، فقال يارب لم يبق من حسناتى شيئ فقال الله عز وجل للطالب : كيف تصنع بأخيك ولم يبق من حسناته شيئ ؟ فقال يارب : فليحمل عنى من أوزارى " ، وهنا فاضت عينا الرسول عليه الصلاة والسلام بالبكاء وقال : " إن ذلك ليوم عظيم يحتاج الناس فيه أن يحمل من أوزارهم " ثم قال الله للطالب " إرفع بصرك فغنظر فرفع فقال يارب أرى مدائن من ذهب وقصورا من ذهب مكللة بالؤلؤ .. لأى نبى هذا ؟ أو لأى صديق هذا ؟ أو لأى شهيد هذا ؟ قال : لمن أعطى الثمن .... قال : يارب ، ومن يملك ذلك قال : أنت تملكه ، قال : بماذا ؟ قال : بعفوك عن أخيك ، قال : يارب إنى عفوت عنه ، فقال عزوجل : خذ بيد أخيك وأدخله الجنة "، جاء رجل إلى النبى عليه الصلاة والسلام وقال : علمنى شيئا ولا تكثر على : قال : لا تغضب قاتل : زدنى ، قال : لا تغضب... قال : زدنى ، قال : لا تغضب ، ويناسبه من الأسماء الإدريسية : يا كريم العفو ذا العدل أنت الذى ملأ كل شيئ عدله ، من كان كثير الذنوب فليواظب على تلاوة هذا الإسم الشريف ، حتى يرزقه الله الهدى والإستقامة ، وكل من عشق ربه بالصدق شاهد أسرار محبته فى الذكر.
83- الرؤف
قال تعالى : " إن الله بالناس لرؤف رحيم " ، ومعناه : كثير الرحمة لعباده سبحانه ، ذو الرحمة الواسعة ، والرأفة الجامحة، حكى أن الإمام أحمد بن حنبل رضى الله عنه ، بلغه أن رجلا وراء النهر يروى أحاديث ثلاثية ، فرحل الإمام أحمد إليه ، فلما ورد عليه وجده يطعم كلبا ، فسلم عليه الإمام أحمد فرد عليه السلام ثم إنشغل بإطعام الكلب ، ولم يلتفت إليه ، فلما إنتهى إلتفت إلى الإمام وقال : لعلك وجدت فى نفك ، إذ أقبلت على الكلب ولم أقبل عليك ؟ قال : نعم فقال الرجل حدثنى أبوالزناد عن الأعرج عن أبى هريرة رضى الله عه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " من قطع رجاء من إرتجاه قطع الله رجاءه يوم القيامة فلن يلج الجنة " ثم قال الرجل : أرضنا هذه ليست بها كلاب ، وقد قصدنى هذا الكلب ، فخفت أن اقطع رجاءه ، فقال الإمام أحمد بن حنبل : يكفينى هذا الحديث ... ثم رجع ، وهذا الإسم الرؤف يصلح ذكره لمن كان سريع الغضب فى أعماله ، أو منزله ، أو بين أصحابه ، فإن داوم على ذكره قبل طلوع الشمس – بأن يقول : يالله يا رؤف – زال عنه غضيه ، لأن ذكر الله مفتاح الفلاح ، ومفتاح الأرواح ، فعلى الذاكر التخلق بصفات " الرحمة والرأفة " : من لين العقول وحسن المعاشرة ، والرفق بالفقراء ، وخفض الجناح الجناح للمساكين ، والتواضع لخلق الله أجمعين :" تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا فى الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ".
84- مالك الملك
قال تعالى :" قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء ..." ومعناه : الذى له التصرف المطلق فى ملكه فى الدنيا ويوم الدين ، ينفذ مشيئته كيف يشاء يعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير ، وهو على كل شيئ قدير ، ومن ذكر هذا الإسم بأن يقول : يا الله يا مالك الملك بطريق الورد مائة مرة يوميا :" قل اللهم مالك الملك ... إلى : بغير حساب " أغناه الله عن سؤال الناس ، ورزقه من حيث لا يجتب ، اللهم لا تجعلنا ممن غفل قلبه عن ذكرك وإتبع هواه وكان أمره فرطا.
85- ذو الجلال والإكرام
قال تعالى :" ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام " ومعناه : المتفرد بصفات الجلال والكمال والعظمة المختص بالإكرام والكرامة فكل جلال له ، وكل كرامة منه ، سبحانه ... له الجلال فى ذاته والإكرام فيض منه على خلقه ، وإكرامه لخلقه بالعطايا والمنح والآلاء والنعم لا يحصر ولا يعد فهو الجدير بالإكرام من خلقه تعظيما لجلاله وعرفانا بفضله وإكرامه وتقديرا لآلائه وإحسانه ، من ذكره مائة مرة لمدة سبعة أيام وكان مكروبا فرج الله كربه ، وطهر قلبه من الأغيار وملأ جوارحه بالأنوار وإنقطع عنه الوسواس ولم يسكن باحته الخناس ، وفى الحديث الشريف :" ألظوا بياذا الجلال والإكرام "
86- المقسط
قال تعالى " قائما بالقسط " ومعناه العادل فى حكمه الذى ينتصف للمظلوم من ظالمه ، وينصر المستضعفين على من إستضعفهم ، والمقسط ضد القاسط ، والقاسط هو الجائر الظالم ، من قسط بمعنى جار " وأما القاسطون فكانوا لجنهم حطبا " ، ولكن المقسط من أقسط بمعنى عدل " إن الله يحب المقسطين"، ولعل من أسرار العدل الإلهى حلمه تعالى على الظالم ، مع إرضاء المظلوم / روى أن أحد الصالحين مر برجل صلبه الحجاج ، فقال : يارب : غن حلمك على الظالمين بأضر بالمظلومين ، فرأى فى منامه أن القيامة قد قامت ودخل الجنة ، فرأى المظلوم فى أعلى عليين وسمع هاتفا يقول :" حلمى على الظالمين .. جعل المظلوميين فى أعلى عليين " .
87-الجامع
قال تعالى :" ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه " ومعناه المؤلف بين الكائنات الجامع بين المتماثلات كالإنس على ظهر الأرض وفى صعيد القيامة عند الحشر ، وبين المتباينات، كالسموات والكواكب والبحار زالنباتات والمعادن وغيرها فى الأرض وبين المتضادات كالحرارة والبرودة واليبوسة وصدق الله العظيم " هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين " ويجمع بين الظالم والمظلوم وبين الجسد والروح ويجمع قلوب أوليائه لشهود عظمته ، ومن ذكره ثلثمائة مرة لمدة سبعة أيام يمكن تجديدها جمع الله بينه وبين مقاصده فيما تصبو إليه نفسه وإذا ذكره من ضاعت له حاجة بقوله " اللهم يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه أجمع على ضالتى " رد الله عليه ضالته بإذن الله تعالى وهذا مجرب أكيد.
8- الغنى
قال تعالى :" والله الغنى وأنتم الفقراء " وقال :" وربك الغنى ذو الرحمة " ومعناه : المستغنى عن كل ما سواه ، االمفتقر إليه كل ما عداه ، فلا يحتاج إلى شيئ : لا فى ذاته ولا فى صفاته ،ولا فى أفعاله ، " ياأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله ، والله هو الغنى الحميد " وحفظ الذاكر منه " أن يستغنى بالله عن كل شيئ ، وأن يرجع إليه وحده فى كل أمر والمهم الخلاص من الهواجس ، مع صفاء القلب وإخلاص النية ومما قرأته فى بعض الكتب أن إبلي أخذ أول دينار ضرب فوضعه على عينيه وقال : من أحبك فهو عبدى ، وحكاية أخرى عن إبليس : لما إخترعت النقود صرخ إبليس صرخة عظيمة وجمع أعوانه وقال لهم : لقد وجدت اليوم ما ستغنى به عنكم فى تضليل الناس .
89- المغنى
ومعناه : أنه يغنى من يشاء من عباده بما شاء من أنواع الغنى " وما كان عطاء ربك محظورا " ، وأفضلها غنى النفس فإن الحوائج تطلب من الله فى ترك الله ورجع إلى الخلق فى حوائجه إبتلاه الله بالخلق ، وإنتزع الرحمة من قلوبهم حتى إذا رجع العبد إلى الله أعطاه ما تمناه ،ورزقه من حيث لا يحتسب وتيسرت له كل المطالب فى قضاء الممصالح والحوائج فإن الأشياء ليست على مقتضى طبائعها بل بتأثير من خالقها ، فإعبد الله بشرط العلم ، ولا ترض عن نفسك أبدا جعلنا الله من الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه.
90- المانع
هو الذى يدفع أسباب الهلاك والنقص فى الدين والبدن يخلق الأسباب التى تحفظ من الهلاك والنقصان ، يوجد بعض الممكنات ، ويمنع وجود البعض ، يعطى كل شيئ ما هو فى مصلحته ويمنع ما هو سبب فساده بحانه يغنى ويفقر ويسعد ويشقى ويعطى ويحرم ويمنح ويمنع فهو المعطى والمانع ، وإعلم أن العطاء من الخلق حرمان ، والمنع من الله " إذا رضيت به وصبرت فضل وإحسان " وبهذه المناسبة نقول : إن صح أنواع الزهد أن يمنع الإنسان نفسه من لذة هو قادر على إتيانها ، كمن يلبس الخرق البالية وهو قادر على الثياب الغلية وهكذا الشان فى متع الحياة.
91- الضار
قال تعالى " وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو " ومعناه : المضدر الضر والشر لمن أراد كيفما أراد يفقر ويمرض ويشقى ويحرم على مقتضى حكمته ومشيئته فهو جلت حكمته ومشيئته المقدر كل شيئ وهو وحده المسخر لأسباب الشر والضر إما بلاء لتكفير الذنوب أو إبتلاء لرفع الدرجات ، فعلى الغنسان أن يصبر على ما يصيبه من سوء فقد يكون تكفيرا لسيئة إقترفها أو إبتلاء يرفع الله به درجته ، قال سيدنا أبو بكر الصديق : لما نزل قول الله تعالى " من يعمل سوءا يجز به "... جئت الرسول الكريم فقلت يا رسول الله كيف الحال بعد هذه الآية ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : يغفر الله لك يا أبا بكر ... ألست تمرض ؟ ألست يصيبك الهم ؟ ألست ينالك الأذى ؟ ألست يصيبك المصائب ، قلت بلى ... قال ..... ذلك ما يجزى له العبد ، وعلى ذاكر الإسم أن يرضى بقضاء الله ويصبر على بلائه ويشكره على نعمائه وفى الحديث الشريف " من لم يرض بقضاء الله ، ويؤمن بقدر الله فليتلمس إلها غير الله ، والسعيد من عصمه الله وإشتغل بطاعة مولاه ، ولم يعتمد على طاعته وتقواه .
92- النافع
ومعناه : الذى يصدر منه الخير والنفع فى الدنيا بحانه هو وحده مانح الصحة والغنى والسعادة والهداية والتقوى ، ومن الخير للذاكر أن يجمع الإسميت ( الضار النافع " فإليهما تنتهى كل الصفات والله سبحانه المالك للضر والنفع ولا ضار ولا نافع سواه ، قال تعالى " ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا "، حكى أن موسى عليه السلام شكا إلى الله تعالى من الم فى ضرسه فأوحى الله تعالى إليه : خذ من العشب الفلانى وضعه على ضرسك فأخذه ووضعه على ضرسه فسكن الألم فى الحال ثم عاوده الوجع بعد مدة فأخذ العشب ووضعه على ضرسه فإزداد الألم فقال : إلهى ألست أمرتنى بهذا ودللتنى عليه فأوحى الله إليه : يا موسى ... أنا الشلفى... وأنا المعافى.... وأنا الضار .... وأنا النافع ...قصدتنى فى المرة الأولى فأزلت مرضك ، والآن قصدت العشب وما قصدتنى ، وجير بذاكر هذا الإسم النافع أن يسعى فى مصالح الناس وأن ينفعهم بعلمهوماله وجاهه قال عليه الصلاة والسلام " خطوة فى قضاء مصلحة أخيك قضيت أم لم تض أفضل عند الله من إعتكاف فى مسجدى هذا"
93- النور
قال تعالى :" الله نور السموات والأرض " وومعناه الظاهر فى نفسه بوجوده الذى لا يقبل العدم المظهر لغيره وإخراجه من ظلمة العدم إلى نور الوجود فوجوده سبحانه نور فائض على الاشياء كلها ، وهو الذى مد جميع المخلوقات بالأنوار الحسية والمعنوية ، فهو نور كل ظلمة ومظهر كل خفاء وهو منور السموات والأرض ومضئ الأكوان بالشموس والنجزم والاقمار ، وهو الذى انار قلوب الذاكرين بضياء ذكره وأحيا نفوس العارفين بنور معرفته ، ومن دعاء النبى عليه الصلاة والسلام : اللهم إجعل فى قلبى نورا وإجعل فى بصرى نورا وإجعل من خلفى نورا ومن أمامى نورا اللهم إعطنى نورا " وحفظ العبد منه : أن ينور الله قلبه بالمعرفة " ومن لم يجعل الله نورا فما له من نور " وأن يفر إلى الله من الجهل إلى العلم ومن الظلام إلى النور ، ومن أكثر من ذكر إسم النور فاض النور من قلبه على لسانه ، وفى الاسماء الإدريسية " انور كل شيئ وهداه ، أونت الذى فلق الظلمات نوره " وإعلم أن الأنس بالله نور ساطع والأنس بالخلق هم واقع ، ومن جليل الفوائد المخزونة فى صدور الرجال لمن كان متحيرا فى أمر من الأمر ضاق به صدره وطال عليه أمده ولم يستطع الخلاص منه ، ان يتطهر جسدا وثوبا ومكانا ثم يضرع فى غسق الليل إلى الحق تبارك وتعالى بهذا الدعاء " تباركت يا نور الأنوار نور قلبى بنور معرفتك بالله ... يا نور ، يا حق / يا مبين.
94- الهادى
قال تعالى : " الذى أعطى كل شيئ خلقه ثم هدى " ومعناه : الذى يهدى خواص عباده إلى الحنكة والمعرفة سبحانه يهدى الناس إلى ما فيه صلاحهم فى معاشهم ومعادهم ، كما يهدى المذنب إلى التوبة ، ويهدى جميع الحيوانات إلى جلب مصالحها ودفع مضارها ، بما أودع فيها من غرائز وإلهامات تستهدى بها فى حياتها وهو الذى يهدى الطفل إلى ثدى أمه والفرج لإلتقاط حبه ، والنحل لبناء بيتها على شكل هندسى ملائم لبدنها وأحوالها ، واللائق بذاكر هذا الإم أن يشتغل بدعوة الناس وهدايتهم إلى الحق ، والله تعالى يقول لنبيه " وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم " فكن على قدم الرسول ومن ذكر إيم الهادى كثيرا وقت حيرته فى أى أمر هداه الله إلى طريق الخير والنجاة .
95- البديع
قال تعالى " بديع السموات والأرض " ومعاه : الذى أبدع صور المخلوقات وفطرها على غير مثال سابق والذى ليس كمثله شيئ فى ذاته وصفاته وأفعاله ، فهو البديع المطلق اولا وأبدا سبحانه مبدع لخلقه مظهر عجائب صنعته ، ومن أكثر من ذكره وفجر الله ينابيع الحكمة على لسانه والعبرة بالنية فإن النية رأس العمل وفى الاسماء الإدريسية السهروردية " يا مبدع البدائع لم يبغ فى إنشائها عونا من خلقه " وخواصه كثيرة ولا داعى للإطالة فيها حتى لا ينشغل الذاكر بغير الله فكما ترى خيال الأشياء فى الماء كذلك ترى أسرار الأسماء فى مرآة قلبك .
96- الباقى
قال تعالى " والله خير وأبقى " وقال جل ذكره " ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام " ومعناه : الباقى بعد فناء خلقه ، واجب الوجود لذاته لا يقبل العدم فإذا نظرنا حولنا رأينا الشمس تأفل ، والورد يذبل والدول تزول وتفنى ، وكم من أمم بكاملها أطلت على الحباة ثم توارت كأنها لم تك شيئا ، وكم من مدن عديدة وقصور مشيدة شمخت بعلوها وقبابها إلى السماء فرآها فقراء ، وتحسروا لحرمانهم من أمثالها فلم يلبث أن عانق الجميع التراب ، وكل هؤلاء مشوا على الأرض فترة من الزمن ثم عادت الأرض فإحتضنتهم ليمشى فق الناس سواهم وسبحان الله القديم أزلا الباقى أبدا " كل شيئ هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون "
97- الوارث
قال تعالى " إنا نحن نرث الأرض ومن عليها " وقال " ونحن الوارثون " وقال" وهو خير الوارثين " ومعناه : الوارث لجميع الاشياء بعد فناء أهلها ، لانه الباقى بعد فناء الخليقة فإليه مرجع كل شيئ ومصيره " لمن الملك اليوم ، لله الواحد القهار " سبحانه ... تسربل بالصمدية بلا فناء وتفرد بالأحدية بلا إنتقاء الوارث بلا ثوريث أحد والباقى لي بملكه أمد ، وهذا السم تنفع تلاوته على سبيل الورد لمن ليس له ذرية يقرؤه بلا عدد مع قوله تعالى " رب لا تذرنى فردا وأنت خير الوارثين " فإن الله تعالى يرزقه الذرية الصالحة بإذن الله تعالى ،ومن كان فى حيرة من أموره وذكره بين المغرب والعشاء منفردا بربه فإنه يرى العجب العجاب من الطمأنينة والسكينة والإستقرار ، وفى الأسماء الإدريسية " سبحانك لا إله إلا أنت ، يارب كل شيئ ووارثه ورازقه وراحمه " وهذا الإسم ينفع تلاوته وردا لدفع الشر وجلب الخير يتلى بدون عدد بقدر الطاعة على أية نية كلئنة من كانت فيرى الذاكر من عجائب صنع الله ما لا يستطيع للقلم تصويره وبيانه ، وبحسب الهمة والإستعداد ينال الطالب القصد المراد.
98- الرشيد
ومعناه : المتصف بكما الكمال عظيم الحكمة بالغ الرشاد الذى تتجه تدابيره إلى غاية الصواب والسداد ، وهو الذى يرشد الخلق ويهديهم إلى ما فيه صلاحهم ويوجههم بحكمته إلى ما فيه خيرهم ورشادهم ، فى دنياهم واخراهم، حكى أن موسى عليه السلام خرج يوما يرعى غنمه ى واد به ذئاب كثيرة فأدركه التعب فبقى حائرا إن نام أكلت الذئاب الغنم ، وصار متحيرا فدعا الله ربه فأوحى الله إليه : يا موسى كن لى كما أريد أكن لك كما تريد .
99- الصبور
هذا الإسم والذى قبله – الرشيد – غير واردان فى القرآن الكريم ومعنى الصبور : ملهم الصبر لجميع خلقه – وهو سبحانه الصابر على ملا يرضاه من عباده لا تستفزه المعاصى ولا يعجل بالعقوبة على من عصاه ، سبحانه ... إذا أعرضت عنه بالعصيان قابلك بالعفو والغفران ، وعلى الذاكر به أن يكتم مصائبه وأوجاعه ويترك الشكوى غلى الخلق ، فإن الحق يقول : " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " لأن كل أجيرا أجرا مقدرا أما الصابرون فإجرهم بغير حساب وعليه كذلك ان يصبر على الطاعة بإلتزامها وعن المعصية بإجتنابها ، وعلى النعمة بشكرها وعلى النقمة بالرضا بها قال الله تعاالى " ياأيها الذين ىمنوا إصيروا وصابروا ورابطوا وإتقوا الله لعلكم تفلحون ، ويقول بحانه لنبيه عليه الصلاة والسلام " وإصبر وما صبرك إلا بالله ، والصبر من صفات أولى العزم قال تعالى " فإصبر كما صبر أولى العزم من الرسل "، وقد ذكر الصبر فى أكثر من تعين موضعا فى القرىن الكريم وجاء فى الحديث الشريف ما معناه " ثلاث يدرك بهن العبد رغائبه فى الدنيا ووالآخرة : الصبر على البلاء ، والرضا بالقضاء ، والدعاء فى الرخاء " قدم حاتم الأصم على الإمام أحمد بن حنبل فقال له الإمام : كيف التوصل إلى السلامة من ابناس ؟ قال حاتم بثلاثة أشياء / فقال الإمام : ما هى؟ قال أولا : تعطيهم مالك ولا تأخذ منهم ، ثانيا : تقضى حقوقهم ولا تطالبهم بقضائ حقوقهم عليك ، ثالثا ، تصبر على أذاهم ولا تؤذهم كم آذوك ، فقال الإمام أحمد : إنها لصعبة ، فقال حاتم : وليتك تسلمفعليك أيه الذاكر أن تتخلق بإسمه تعالى " الصبور " وأن تلتزم الصبر فى جميع أمورك وأحوالك فإن صبر القمر على ظلمة الليل منيرا ، وصبر الورد على الشوك جعل رائحته فواحة ذكية شذية
من دعاء النبى صلى الله عليه وسلم :
"... أسالك بكل إسم هو لك ، ميت به نفسك ، أو أنزلته فى كتابك ، أو علمته لأحد من خلقك ، أو إستأثرت به فى علم الغيب عندك ...."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق